.................................................................................................
______________________________________________________
وممّا يؤيّد القول بأنّها حقيقة شرعية اعتبار المقارنة فيها ، فإنّ المقارنة على القول بأنّ النيّة هي الداعي وأنّ المقارنة أمر زائد على النيّة تكون داخلة في ماهيّتها ليست شرطاً فيها ، لأنّه من المستحيل وقوع جزء من أجزاء العبادة بدون نيّة القربة ، ومن المعلوم أنّ المقارنة لم تؤخذ في المعنى اللغوي. نعم على القول بأنّها هي المخطرة بالبال يتجه اشتراط المقارنة لأوّل جزء منها ثمّ الاكتفاء بالاستدامة ، كما هو مختار أكثر المتأخّرين. وقد تقدّم في مبحث الوضوء بيان ذلك كلّه وبيان معناها ومحلّها وما يتعلّق بذلك.
الثاني : قال جماعة : إنّ النيّة أمرٌ واحدٌ بسيط وهو القصد إلى فعل الصلاة المخصوصة ، وإنّ الامور المعتبرة فيها الّتي يجمعها اسم المميّز فانّما هي مميّزات المقصود وهو المنوي لا أجزاء للنيّة ، كما لعلّه قد يلوح من عبارة «الشرائع (١) والإرشاد (٢) والتحرير (٣) والألفية (٤)» وغيرها (٥). وقد اعترض بذلك في «المسالك (٦) والروض (٧) والمقاصد العليّة (٨)» على عبارة «الشرائع والإرشاد والألفيّة» بأنّ القربة غاية للفعل المتعبّد به ، فهي خارجة عنها أيضاً. ويأتي ما في عبارة «الإرشاد» من أخذها مميّزاً.
ولمّا كانت النيّة عزماً وإرادةً متعلّقة بمقصود متعيّن اعتبر في تحقّقها إحضار المقصود بالبال أوّلاً بجميع مشخّصاته كالصلاة مثلاً وكونها ظهراً واجبة مؤدّاة أو مقابلاتها أو بالتفريق على اختلاف الآراء كما يأتي ، ثمّ يقصد إيقاع هذا المعلوم
__________________
(١) شرائع الإسلام : في نيّة الوضوء ج ١ ص ٧٨.
(٢) إرشاد الأذهان : في النيّة ج ١ ص ٢٢٢ وص ٢٥٢.
(٣) تحرير الأحكام : في النيّة ج ١ ص ٣٧ س ٩.
(٤) الألفيّة : في النيّة ص ٥٥.
(٥) كمدارك الأحكام : في النيّة ج ٣ ص ٣٠٩.
(٦) مسالك الأفهام : في النيّة ج ١ ص ١٩٦.
(٧) روض الجنان : في النيّة ص ٢٥٧ س ٧.
(٨) المقاصد العليّة : في النيّة ص ٢٢٦.