.................................................................................................
______________________________________________________
هل يجب تعيين الفريضة؟ أوجبه في «المعتبر» لتتميّز عن الظهر المعادة مثلاً ، والظاهر أنّ الوجوب كافٍ عنه. وبه تخرج المعادة إذا أتى به في النيّة. ولو جعله معلّلاً كقوله لوجوبه فإنّ فيه دلالة على أنّ الفعل واجب في نفسه. والمتكلّمون لمّا أوجبوا إيقاع الواجب لوجوبه أو وجه وجوبه جمعوا بين الأمرين فينوي الظهر المفروض أو الواجب لكونه واجباً. وهذا مطّرد في جميع نيّات العبادات ، وإن كان ندباً نوى الندب لندبه لكنّ معظم الأصحاب لم يتعرّضوا له في غير الصلاة ، انتهى. ونقلناه بطوله لاشتماله على فوائد فتأمّل.
هذا ، وفي «المدارك» انّ ما استدلّوا به على اعتبار نيّة الوجه والأداء من أنّ جنس الفعل لا يستلزم وجوبه إلّا بالنيّة ، فكلّ ما أمكن أن يقع على أكثر من وجه واحد افتقر اختصاصه بأحد الوجوه إلى النيّة ، فينوي الظهر مثلاً ليتميّز عن بقيّة الصلوات ، والفرض لتمييزه عن إيقاعها ندباً ، كمن صلّى منفرداً ثمّ أدرك الجماعة ، وكونها أداءً ليتميّز عن القضاء ضعيف ، فإنّ صلاة الظهر مثلاً لا يمكن وقوعها من المكلّف في وقتٍ واحد على وجهَي الوجوب والندب ليعتبر تمييز أحدهما من الآخر ، لأنّ من صلّى الفريضة ابتداءً لا تكون صلاته إلّا واجبة ومن أعادها ثانياً لا تقع إلّا مندوبة. وقريب من ذلك الكلام في الأداء والقضاء. نعم لو كانت ذمّة المكلّف مشغولة بكلّ منهما اتجه ملاحظة أحدهما ليتخصّص بالنيّة. ولا ريب أنّ الاحتياط يقتضي المصير إلى ما ذكروه ، انتهى (١).
وقال الاستاذ أدام الله تعالى حراسته في «حاشية المدارك» لا يخفى فساد ما ذكره صاحب المدارك ، إذ لا شبهة في أنّه يمكن أن يقصد المكلّف بالظهر مثلاً الندب وإن كانت واجبة عليه واقعاً ويقصد الوجوب وإن لم تكن واجبة عليه واقعاً. وهكذا الكلام في الأداء والقضاء ، غاية الأمر أنّها لا تكون صحيحة شرعاً ، لعدم الموافقة لمطلوب الشارع ، ولهذا أمرَ الفقهاء بقصد ما هو المطلوب حتى يصير
__________________
(١) مدارك الأحكام : في النيّة ج ٣ ص ٣١٠.