.................................................................................................
______________________________________________________
وإيضاح ذلك : إنّ العبادة توقيفية ولم نعلم عدم مدخلية الوجه ، مع أنّ القول به معروف بين الأصحاب مجمع عليه عند المتكلّمين حيث قالوا إنّه بدونه لا يستحقّ ثواباً ، والعبادة الّتي لا يستحقّ عليها الثواب لا تكون صحيحة جزماً ، على أنّه على فرض عدم الثبوت لم يثبت عدم المدخلية ، فيجب قصد الوجه من باب المقدّمة ليحصل العلم بتحقّق العبادة على الوجه المأمور به. ولو لم يقصد لم يتحّقق العلم ، لاحتمال المدخلية ، فلا شبهة في أنّ قصد الوجوب يجب من باب المقدّمة. والحكم بصحّة العبادة الخالية عن ذلك لا بدّ أن يكون من نصّ أو إجماع ، والأوّل لم نجده فتعيّن الثاني ، ولا إجماع على الصحّة فيما خلت عن ذلك ، بل ظاهرهم الإجماع على خلافه. فعلى الخصم إثبات عدم المدخلية ، ولا ينفعه التمسّك بالأصل ، لأنّ النيّة وإن قلنا إنّها خارجة عن ماهيّة العبادة لكونها شرطاً على الأصح لكنّا قد حقّقنا فيما مضى أنّها من سنخ العبادة وأنّ ماهيّتها توقيفيّة وما اشتمل منها على نيّة الوجه نيّة قطعاً بخلاف الخالية.
ثم إنّه على القول بأنّها جزء وأنّ العبادة اسم للصحيح أو على القول بالوقف لا يمكن التمسّك بالأصل أيضاً كما قرّر في محلّه ، فتأمّل جيّدا. لكنّ الأئمة صلوات الله عليهم كثيراً ما كانوا في مقام سؤال الراوي عن وجوب شيء وعدم وجوبه يقولون افعله ويأمرون به على وجه يظهر للراوي منه الوجوب ، فإذا كرّر السؤال وقال وإن لم افعله؟ أجابوا بلفظ لا بأس ، كما وقع ذلك في ناقضية المذي للوضوء ، فلو كان قصد الفعل على وجه واجباً لكان المعصوم أمر بترك الواجب أو تبديله بالضدّ ، فليلاحظ ذلك وليتأمّل.
وقال في «شرح المفاتيح (١)» لو كان قصد الوجوب أو الندب معتبراً لأكثر الشارع من الأمر بالعمل والتعليم والتعلّم وكثر العمل والتعلّم وشاع واشتهر وذاع ، لأنّ ذلك من الامور التي تعمّ بها البلوى. وقد أطال في الاحتجاج على ذلك والاستشهاد له وقد نقلناه بتمامه في نيّة الوضوء.
__________________
(١) مصابيح الظلام : ج ١ ص ٢٨٨ ٢٨٩ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).