.................................................................................................
______________________________________________________
وقال مولانا المقدّس الأردبيلي في «مجمع الفائدة والبرهان (١)» : إنّه يكفي إيقاع الفعل على ما أمر به ، إذ الغرض إيقاعه على الشرائط المستفادة من الأدلّة كما في جملة من مسائل الحجّ ، وأمّا كونه على وجه الوجوب فلا ، وغير معلوم أنّه داخل في الوجه المأمور به بل الظاهر عدمه ، فلا يتمّ دليلهم أنّ فعل الواجب على الوجه المأمور به موقوف على المعرفة والعلم ، فبدونه ما أتى بالمأمور به على وجهه ، وعلى تقدير تسليم الوجوب لا نسلّم البطلان على تقدير عدمه ، خصوصاً عن الجاهل والغافل عن وجوبه وعن الّذي أخذه بدليل وليس وظيفته ذلك ، وكذا المقلّد لمن لا يجوز تقليده. ولا خفاء في صعوبة العلم الذي اعتبروه سيّما بالنسبة إلى النساء والأطفال في أوائل البلوغ ، فإنّهم كيف يعرفون المجتهد وعدالته وعدالة المقلّد والوسائط وهم الآن ما يعرفون شيئاً. وليس بمعلوم أنّ لهم العمل بالشياع مع عدم معرفتهم حقيقة العدالة ولا بالعدلين ولا بالمعاشرة. وتحقيقهم ذلك بالدليل لا يخفى صعوبته ، مع عدم الوجوب عليهم قبل البلوغ على الظاهر ، بل بعده أيضاً ، لعدم العلم بالتكليف بها. نعم يمكن فرض الحصول ، فحينئذٍ يصحّ التكليف ولكن قد لا يكون والمراد أعم.
والحاصل أنّه لا دليل يصلح إلّا أن يكون إجماعاً ، وهو أيضاً غير معلوم لي ، بل ظنّي أنّه يكفي في الاصول الوصول إلى المطلوب كيف كان بدليل ضعيف باطل وتقليد كذلك وعدم نقل الإيجاب عن السلف ، بل كانوا يكتفون بمجرّد الاعتقاد وفعل صورة الواجبات ومثل تعليم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الأعراب مع أنّ الصلاة معلوم اشتمالها على ما لا يحصى كثرة من الواجبات وترك المحرّمات ، وكذا سكوتهم عن أصحابهم في ذلك ولي ظنّ قوّي على ذلك من مجموع امور كثيرة وإن لم يكن كلّ واحد منها دليلاً ، فالمجموع مفيد له وإن لم يحضرني الآن كلّه. وإن أمكن الوجوب على العالم المتمكّن على الوجه المشروط ، على أنّ دليلهم إن تمّ دلّ على وجوب القصد حين الفعل وأنّه غير واجب إجماعاً ، انتهى كلامه.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : في ماهية الصلاة ج ٢ ص ١٨٢ ١٨٣.