ضيعة ذات مزارع وغلات ، أو مسقف من فنادق اه. ولقد جعل بعض الأغنياء دأبهم إذا اجتازت بهم الجيوش أن يقروها ويبروها ، ومن رجال بني أمية من جعل ذلك ديدنه ، وأهل الخير على اختلاف طبقاتهم يتصدقون على الجيش.
واشترط العرب على أهل الذمّة أن يؤووا جندهم ثلاثة أيام على الأغلب ويطعموهم من طعامهم ، عناية من الفاتح بجنوده ، وحتى لا تتبرم الرعية بنزولهم عليهم إن لم يكن لهم حق النزول. وكانوا لأول أمرهم يختارون النزول في الخيام والمضارب ، فإذا كلب الشتاء ينزلون في المدن والقرى ، ويأوون إلى دور الروم الذين رحلوا بقدوم الفاتحين ، وأول من أنزل الجند في بيوت غيرهم الحجاج ، أنزل أهل الشام ببيوت أهل الكوفة.
وكان الأمويون في بعض أدوارهم يجندون الشبان ويجردونهم ليعرفوا عاهاتهم وحالتهم من الصحة. وفي الأغاني أن الحجاج ضرب البعث على المحتلمين ومن أنبت من الصبيان ، فكانت المرأة تجيء إلى ابنها وقد جرد فتضمه إليها وتقول له : بأبي ، جزعا عليه ، فسمي ذلك الجيش جيش بأبي. وقد أحضر ابن عبدل فوجد أعرج فأعفي عنه فقال بذلك :
لعمري لقد جزدتني فوجدتني |
|
كثير العيوب سيء المتجرّد |
فأعفيتني لما رأيت زمانتي |
|
ووفقت مني للقضاء المسدّد |
وكان غرامهم بالخيل المطهمة يدربونها على الطراد ويربونها ويتعهدونها ، ومن ملوكهم من يستكثر منها جدا لتكون معدّة ليوم الشدة. روى ابن السائب الكلبي أن هشام بن عبد الملك قال يوما لقوامه على خيله : كم أكثر ما ضمّت حلبة من الخيل في الجاهلية والإسلام ، قالوا : ألف فرس وقيل ألفان. فأمر أن يؤذّن بالناس بحلبة تضم أربعة آلاف فرس فقيل له : يا أمير المؤمنين يحطم بعضها بعضا فلا يتسع لها طريق. قال : نطلقها ونتوكل على الله والله الصانع ، فجعل الغاية خمسين ومائتي غلوة والقصب مائة والقوس ستة أسهم ، وقاد إليه الناس من كل أوب ، ثم برز هشام إلى دهناء الرصافة قبيل الحلبة بأيام فأصلح طريقا واسعا لا يضيق بها ، فأرسلت يوم الحلبة بين يديه وهو ينظر إليها تدور حتى ترجع وجعل الناس يتراءونها ـ نقله ياقوت.