ولذلك تبتعد السفن من هذا المرفأ عند اشتداد العواصف في البحر المتوسط إذا تعذر إرساؤها في مرفإ يافا. أما الرياح الشمالية والشمالية الغربية فشديدة جدا في هذا المرفإ ، وعمق الماء فيه لا يتجاوز الخمسة أمتار إلا بعد مسافة كيلو متر واحد في عرض البحر من الساحل كما هي الحالة في جميع السواحل الشامية. ولذلك ترسو السفن الكبيرة في عرض البحر وتفرغ بضاعتها وركابها في الزوارق الصغيرة التي لا تحتاج لعمق عظيم من الماء. وخير طريقة لإنشاء مرفإ مدينة حيفا هو عمل سد في عرض البحر يبتدئ من شمالي المدينة ويتجه من الغرب إلى الشرق بطول كيلو متر ونصف فيبلغ عمق الماء مقدارا كافيا لدخول السفن الكبيرة حتى تقترب من الرصيف فيمكن تفريغها على أيسر وجه ويتأتى ردم البقعة المثلثة التي تحصل بين السد وبين الساحل بحيث تكون صالحة لتوسيع المدينة وزيادة الأرصفة على عمق كاف. وقد أصبح دخول السفن إلى المرفإ من المدخل الشرقي سهلا في كل وقت إذ أضحى المرفأ آمنا من العواصف والرياح الشمالية فعمل كهذا يفيد كل الفائدة خصوصا ومدينة حيفا متصلة بالداخلية بواسطة الخط الحديدي الحجازي ، ونفقات هذا المشروع باهظة لا يؤمل تسديد فوائدها في بادئ الأمر. وقد فكّر الترك في إنشاء مرفإ حيفا بل أعطوا به امتيازا تحضيريا فحالت الحرب العامة دون تحقيق المشروع.
ولما دخل البريطانيون فلسطين رأوا أن إيجاد مرفإ يجب أن يتم في أول فرصة تسنح ، وكان التنافس بين يافا وحيفا لأن بقية المرافئ كغزة وعكا ليست إلا مراسي بسيطة. ويافا وحيفا هما أهم المواني في فلسطين. والقسم الأعظم من البضائع التي ترد إلى فلسطين تأتي عن طريقهما. ففي سنة (١٩٢٥) دخلت المواني الفلسطينية (٢٤٧٢) سفينة حمولتها (٠٤٢ ، ٨٩٥ ، ١) طنا. وقد كان نصيب يافا وحيفا منها ما يأتي : يافا (٧٣٤) سفينة حمولتها (٤١٤ ، ١٦) طنا و (٥٠٤) بواخر حمولتها (٤٠٥ ، ١٤٣ ، ١) أطنان. حيفا (٥٤٢) سفينة حمولتها (٧٥١٢) طنا و (٢٥٠) باخرة حمولتها (١٣٤ ، ٦٨٨) طنا. والناظر إلى الأرقام يرى يافا أولى من حيفا بالمرفإ الحديث. وصقع يافا من أكثر بقاع فلسطين سكانا وثروة. ولا ريب في أن مستقبلها زاهر