المتوسط. فللإسكندرونة بموقعها محسنات عظيمة ومهما اشتدت الرياح الهوج في عرض البحر فالأمواج فيها خفيفة ثم إن الرياح الغربية قليلة الهبوب لمكان الجبال المرتفعة التي تعارض هبوبها. وشكل الأرض في قاع البحر ملائم لأن الخطوط المنحنية التي تمر من عمق ثلاثة وأربعة وخمسة أمتار تحت سطح البحر يتباعد بعضها عن بعض بميل خفيف لذلك تصلح لتوسيع أرض المرفإ. وتكفي المسافة بين المنحني المرسوم من عمق ٥ إلى ١٥ لإنشاء عامة لوازم المرفإ بأحسن الشروط. ومواد البناء قريبة وكثيرة في أطراف المدينة. وفي مقالع الإسكندرونة كمية عظيمة من الأحجار الصالحة لبناء الأحواض في البحر ، والمدينة قابلة بأيسر الأسباب أن تصبح من كبريات المدن ، ويصلح الجبل المجاور لها لتأسيس مصايف جميلة ، وهناك عيون كثيرة تفيض ثرة ويقل مثيلها في غيرها من المصايف الجميلة.
والإسكندرونة هي المرفأ الوحيد لمدينة حلب ، انطاكية ، كليس ، عينتاب ، مرعش ، أورفة ، البيرة ، ديار بكر. ولجميع مدن شمال الجزيرة حتى مدينة الموصل. وهذا المرفأ أكبر مرفإ في الشام لأنه يمكنه إرساء البواخر والأساطيل الضخمة. وكان وزير الأشغال العثمانية قدّم تقريرا لإصلاح هذا المرفإ وإنشائه ، وقدّر النفقات بمليوني فرنك ذهبي. على أن عمل مرفإ في الإسكندرونة يقتضي إنجازه وتجفيف المستنقعات المحيطة بالمدينة معا وكان قدّر هذا الوزير نفقات هذا العمل أي تجفيف المستنقعات المذكورة بنصف مليون فرنك ذهبي.
لا يفيد إنشاء مرفإ عظيم مجهز بأحدث الآلات في مدينة الإسكندرونة الفائدة المطلوبة إلا بربطه بخط حديدي كثير الحركة يمكن بواسطته الاتصال مع الداخل الواسع إلى ديار بكر فالموصل فبغداد فإيران. ولذلك اقتضى أن يكون هذا المرفأ هو الطريق الطبيعي للتجارة مع أوربا والبحر المتوسط. ويقوم الخط الحديدي الذي أنشأته شركة سكة حديد بغداد بين الإسكندرونة وطوبراق قلعة المتصل بالخط الأساسي بتسهيل المواصلات مع قليقية. وستتحول تجارة هذه الديار عن مرسين للإسكندرونة إذا جهزت هذه المدينة بفرضتها البحرية الحديثة. وستظل المواصلات مع حلب وما وراءها صعبة لأن عمل