ولما كان القصد من إنشاء الخط الحجازي خدمة الحجاج وتسهيل المواصلات بين الحجاز وبقية العمالات العثمانية اقتضى الوصول به إلى عاصمة الإسلام مكة المكرمة ومد فروع منه إلى جدة وبعض الولايات العثمانية الأخرى تتميما للفائدة ، وكانت الحكومة مصممة على ذلك. وبإعلان الحكم الدستوري وخلع السلطان عبد الحميد الثاني موجد هذه الفكرة ومؤسس هذا العمل الكبير ، توقف ورود الإعانات من الأقطار الإسلامية فحالت هذه الأسباب دون الوصول إلى هذه الأمنية وأخرت إتمام هذا المشروع العظيم.
وحاولت بعد ذلك حكومة الاتحاديين أن تواصل العمل فلم توفق فأعادت الكرة قبل إعلان الحرب العامة بيسير وأرسلت من القضب الحديدية والآلات والأدوات اللازمة الشيء الكثير ، وكادت إدارة الخط تبدأ بالعمل فأعلنت الحرب العامة وصرفت الوجوه عن جميع أعمال الإصلاح ومنها هذا العمل الجليل. وكل هذا لا يحول دون البحث عن الطريق المناسب لمد الخط الحديدي بين المدينة المنورة ومكة المكرمة ، عسى أن تنهض البلاد العربية من كبوتها فيقوم أبناؤها بإتمام هذا المشروع الحيوي.
الطرق الممتدة بين المدينة المنورة ومكة المكرمة التي يصلح السير عليها ثلاث أو اثنتان إذا اعتبرنا الثالثة فرعا للثانية. فالطريق الأول هو الطريق الشرقي الذي يصل المدينة المنورة بمكة المكرمة رأسا وهو يبعد ١٥٠ كيلو مترا عن شاطئ البحر الأحمر ويمر من أعالي الجبال بين موانع عديدة يصعب سير الدواب المحملة عليها ، ولذلك فإن قوافل الحجاج لا ترغب في المسير عليها وإن كانت أقصر الطرق. وأما الطريق الثانية فهي السلطاني الذي ينخفض من المدينة المنورة نحو ساحل البحر الأحمر إلى مرفإ رابغ ومنه يعود فيصعد إلى مكة المكرمة. وهناك طريق آخر بين المدينة ورابغ ينقص طوله ٦٠ كيلو مترا عن الطريق السلطاني ويسمى الطريق الفرعي لأنه لم يخرج عن كونه قسما من الطريق الثانية.
تفضل قوافل الحجاج السير على الطريق السلطاني لمكانته الرسمية والتاريخية ولسهولة المواصلات عليه ، وعلى هذا فالخط الحديدي المنوي إنشاؤه بين المدينتين المقدستين لا يصلح عمله إلا بالقرب من الطريق السلطاني وعلى طوله مرفأ