أن يمدوا خطوطهم على هذه الطريق بعد تعريضها بحيث تصلح للسير وبعد أن يبنوا عليها الجسور اللازمة والأنفاق الصغيرة. ولكنهم عدلوا عن هذه الفكرة لشدة الصعوبات في تنفيذها ولكثرة النفقات وخصوصا نفقات الترميم الدائمة التي تكون باهظة. وفوق هذا لا يكون الخط في مأمن من الأنواء الجوية فضلا عن أن بلدة بلغورلو ترتفع عن سطح البحر ١١٥٠ مترا والوادي المذكور يرتفع ١٤٥٠ مترا وتقوم مدينة أذنة على سفح الجبل من الجهة الثانية ولا ترتفع شيئا يذكر عن سطح البحر. فهذه التموجات بالارتفاعات تجعل الطريق المذكورة صعبة جدا ويتعذر مد الخطوط فيها. ولذلك عوّل الألمان على درس طريق ثانية. فبعد أن بحثوا في الجبال عن أقل الطرق كلفة وأسهلها عملا لم يروا سوى طريقة واحدة وهي عمل نفق حلزوني لا يقل طوله عن اثني عشر كيلو مترا ، وإنشاء نفق كهذا هو أيضا من أصعب الأعمال حتى في ديار الغرب القريبة من معامل الحديد ومناجم الفحم ووجود أحدث الآلات فكيف إذا يمكن القيام به في هذه الأرض القاحلة المتأخرة في ميدان المدنية. وبذلك تكون نفقات هذا القسم باهظة ، ولا تكفي الضمانة الكيلو مترية المقررة له وهي ٥٠٠ ، ١٥ فرنك عن كل كيلو متر لسد فوائد رأس المال ، ومع كل ما ذكرناه من الصعوبات لم يضعف هذا من عزيمة الشركة فثابرت على عملها وافتتحت كثيرا من الأنفاق في جبال طوروس وجبال أمانوس وقد كلفها ذلك مبالغ عظيمة. ولما كان عمل الأنفاق أمرا شاقا يحتاج لزمن طويل ، لم تر هذه الشركة بدا من أن تباشر بعملها أيضا من حلب ومن نقاط أخرى. فكان الراكب الآتي من الاستانة مثلا مضطرا للنزول من القطار في محطة بوزنتي والركوب على الدواب أو بالسيارات حتى بلدة إصلاحية وكانت اتصلت بمدينة حلب بخط بغداد الحديدي. وفي سنة ١٩٠٦ اشترت شركة بغداد خط مرسين ـ طرسوس ـ أذنه.
جاءت الحرب العامة فزادت الشركة همة ونشاطا في إتمام ما بقي من الخط بين بوزنتي وإصلاحية ، وذلك بضغط الحكومة على الشركة ، لأنها كانت مضطرة لنقل جنودها وذخائرها وعتادها في القطارات طلبا للسرعة واتصال المواصلات. وقد سبب تأخير حفر الأنفاق تعذّر نقل الفحم إلى