وصل الخط الحديدي إلى قونية في أواخر سنة ١٨٩٥ وبعد ذلك شعر الألمان بضرورة الاتفاق مع بعض الماليين من الأمم الأخرى ، فأشركوا معهم الفرنسيين ونالوا امتياز خط قونية ـ بغداد في كانون الثاني سنة ١٩٠٢ مع ضمانة كيلو مترية قدرها ٥٠٠ ، ١٦ فرنك وممن اشترك مع الألمان من الفرنسيين بهذا المشروع شركة خط ازمير ـ قصبة وشركة المصرف العثماني. وقد اشترط الفرنسيون مقابل دخولهم في هذه الشركة أن يكون لهم أربعون بالمئة من الأسهم وأربعون بالمئة للألمان وعشرون بالمئة لروسيا ، وأن تكون جميع الحقوق متساوية بين الألمان والفرنسيين كإدارة المشروع وتقديم الأدوات ولم يتم هذا الاتفاق لأسباب سياسية ، ولذلك لم تقبل فرنسا إدخال أسهم هذا المشروع في بورصة باريز. وفي شباط سنة ١٩٠٣ كلف الألمان حكومة لندن تأليف شركة جديدة تكون الأسهم فيها متساوية بين الألمان والإنكليز والفرنسيين أي ثلاثون بالمئة لكل منهن وعشرة بالمئة تبقى للروس أو للحكومات الصغيرة كالبلجيك وهولاندة وسويسرا ، فلم تنجح هذه الطريقة لحل المشكلة القائمة بينهم. وبقي الألمان مدة يساومون الدول الغربية بذلك يهددون الروس تارة بتكميل مخططهم الشمالي المنتهي بأنقرة ، وطورا يهددون الإنكليز والفرنسيين بإتمام مخططهم الجنوبي المنتهي في قونية. وفي ٥ آذار سنة ١٩٠٣ قررت الحكومة العثمانية إعطاء امتياز خط قونية ـ بغداد والبصرة لشركة خطوط الأناضول. وفي ٣٠ تموز من هذه السنة صدر المنشور السلطاني بذلك. واشترط فيه إتمام هذا الخط في ثمانية أعوام أي في سنة ١٩١١. فباشر الألمان عملهم وأتموا قسم قونية ـ بلغورلو وقد أمنتهم الحكومة على الضمانة الكيلو مترية لهذا القسم. وبعد هذا القسم تأتي جبال طوروس الشاهقة. وفي هذه الجبال واد عظيم كان الطريق الوحيد لجيوش الفاتحين من الأقدمين وهو خط الاتصال بين قليقية وصحراء الأناضول. وهذا الوادي لا يزيد عرضه على العشرة أمتار في كثير من النقاط ، والجبال ترتفع حفافيه أكثر من مئتي متر. وكان الإسكندر الكبير والرومان والصليبيون والعرب والسلجوقيون والمصريون يقطعون هذه الجبال ويجتازون هذا الوادي. وقد فكر الألمان