قامت الحكومة العثمانية في سنة ١٨٧١ بمد ٩٢ كيلو مترا من حيدر باشا إلى ازميد بمعرفة المهندس برسيل ، ولكن الثورات والحروب المتتابعة في أوربا العثمانية وكذلك التدخلات الأجنبية قد أوقفت استمرار العمل بهذا المشروع مدة ست عشرة سنة. وفي سنة ١٨٨٨ تمكن المصرف الألماني «دويتش بنك» من الحصول على امتياز هذا الخط حتى مدينة أنقرة مع الوعد بتمديد بقية أقسامه إلى مدينة بغداد بضمانة كيلو مترية ١٥ ألف فرنك. وقد وقعت الإرادة السلطانية التي منحت امتياز الخط باسم المصرف الألماني في تشرين الأول سنة ١٨٨٨. وباشر الألمان عملهم في شباط سنة ١٨٨٩. وفي سنة ١٨٩١ تمكنوا من إتمام ٣٠٠ كيلو متر. وفي سنة ١٨٩٣ وصل خطهم إلى أنقرة أي انه مد منه ٥٧٨ كيلو مترا.
كانت مدينة أنقرة بلدة صغيرة قبل جعلها عاصمة الدولة التركية وهي واقعة بأعالي الجبال ترتفع ٩٢٠ مترا عن سطح البحر. وعلى أثر وصولهم إليها طلبوا من الحكومة العثمانية امتياز الأقسام الأخرى ، على أن يجري تعديل في استقامة الخط ، فبدلا من أن يسير من أنقرة إلى يوزغاد وسيواس ، طلبوا تحويله من أنقرة إلى قيصرية. وحصلوا في أول سنة ١٨٩٣ على امتياز قسم قيصرية أي مسافة ٣٢٠ كيلو مترا مع ضمانة كيلو مترية قدرها ١٧٦٥٠ فرنكا وقد سمي هذا التخطيط الجديد بالمخطط الوسطي. ولم يرق في عيني روسيا وكانت تخشى تقدم الألمان في الولايات الشرقية. فلعبت السياسة ألا عيبها بين ليننغراد وبرلين ، وقبل الألمان بتغيير وجهتهم فتركوا أنقرة وشأنها ، وطلبوا من الحكومة إعطاءهم امتياز قسم جديد بين أسكيشهر وقونية. وقد حصلوا على ذلك في سنة ١٨٩٣ وسمي هذا التخطيط بالمخطط الجنوبي مع ضمانة كيلو مترية قدرها ١٥ ألف فرنك. غير أن هذا التخطيط الأخير لم يرق أيضا في أعين الإنكليز والفرنسيين وكانوا يرجون نيل امتيازات في تلك البقاع التي لهم فيها مصالح وخطوط. فاحتجوا لدى الباب العالي وقدموا شروطا أحسن من شروط الألمان ، وقد دعمت الحكومة الفرنسية طلب الماليين الفرنسيين ، وتمكنت من أخذ امتيازات الخطوط الحديدية السورية بين دمشق وحلب. (٥ ـ ١٣)