كان شكل البريد وسيره وإدارته ونقله حتى تاريخ تمديد السكة الحديدية المصادف لسنة ١٣٠٧ ه ١٨٩١ م بين بيروت ودمشق ـ المزيريب تنحصر حتى بيروت بمركبات شركة الحوافل الملغاة. أما باقي الجهات فكانت شمالا حتى حلب فالاستانة تسافر برا مع التاتار أي مع سعاة البريد الموظفين ينقلونه على ظهور الخيل ، وشرقا بين دمشق والعراق ـ بغداد على ظهر الهجن (الذلول) ، وجنوبا بواسطة السعاة المأجورين ، وبحرا بواسطة بيروت وهو عبارة عن تبادل الكتب والصحف والملفات والنماذج والصرر ذات القيمة مع الأرض العثمانية وعلى الكتب والصحف والملفات مع الممالك الأجنبية.
وقد بدأ شكل سير البريد يتطور نقلا وإدارة ومعاملة من سنة ١٣١٦ ـ ١٩٠٠ فألغيت سعاة التاتار سنة ١٩٠٢ بين دمشق وحماة وسنة ١٩٠٥ بين حماة وحلب وسنة ١٣٣١ ـ ١٩١٥ من حلب وأذنة فقونية. وأصبح نقل البريد حتى الاستانة برا بالسكة الحديدية التي أنشئت شمالا كما أنها أحدثت نقليات البريد حتى الحجاز أي المدينة المنورة بالسكة الحجازية التي كان بدئ بإنشائها سنة ١٩٠١ ـ ١٣١٧ وانتهت بسنة ١٩٠٨ ـ ١٣٢٤. وتبدلت نقليات البريد تدريجيا في الأصقاع الشامية من الحيوانات إلى متن السيارات. وأما فيما له شأن بالمعاملات فقد أحدثت على التدريج واعتبارا من سنة ١٩٠٠ أنشئت الحوالات البريدية فالبرقية والطرود العادية فالمشروطة التأدية والرسائل ذات القيمة المقدرة بين الممالك العثمانية والشام. وفي سنة ١٩٠٢ بدأت هذه المعاملات الجديدة مع الممالك الأجنبية في أوربا وآسيا وإفريقية. ودامت على هذا التوسع التدريجي حتى نشوب الحرب العامة فانقطعت عندئذ مع الدول المعادية لتركيا واقتصرت على الممالك المتفقة معها إلى أن جلت الدولة عن الشام وانقطعت المواصلات البريدية أثناء احتلال دول الانتداب أرض الشام ثم عادت المواصلات إلى سيرها السابق. هذا عدا انقطاع السكة الحجازية الذي لم تصل بين الشام والحجاز أي المدينة المنورة بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين وشرقي الأردن الخارج عن حدود الدولة السورية.