ومن أهم مصانع الشام عاديات قنوات في جبل حوران وصفها بورثر بقوله : بلغنا أكمة تطل على قنوات فرأينا على اليسار واديا عميقا ، وعلى جانبه الغربي خرائب المدينة القديمة وسورها يتبع الشواهق مسافة ميل ثم ينعطف متعرجا. فيكتنف أرضا عرضها نصف ميل فيها القصور والهياكل والكنائس والمشاهد وما ماثلها من المباني الفخمة قائمة بعضها بإزاء بعض على نسق بديع يدهش الأبصار. ووراء السور في أسفل الوادي وعلى الجبال المحيطة به في القنن الشاهقة وبين حراج البلوط أعمدة رفيعة ، وأبراج مشيدة ، ومدافن عالية. واسمها عند اليونان قناتا وسماها العرب قنوات بلغت أوج مجدها على عهد الرومان ، وكانت من أعظم المدن شرقي الأردنّ. وفي عهد النصرانية تنصر أهلها وحولوا هياكلها كنائس لكنها خربت بعد الفتح الإسلامي وقتل سكانها أو هجروها فلم يعن المسلمون بجعل كنائسها مساجد كما فعلوا في غيرها من مدن الشام.
ثم ذكر أنه لم ير في مدينة أخرى من مدن فلسطين ما رآه في هذه المدينة وبينها تماثيل أسود وفهود وكلاب ، وفيها رأس عظيم للربة عشتاروت أمام هيكل صغير ، وأمام القصر ساحة فسيحة تحتها صهريج كبير سقفه معقود ، كانت المياه تجري إليه بقناة منحوتة في جانب الوادي ، فيجتمع فيه ما يكفي المدينة فصل الصيف. وغربي المدينة على ربع ميل منها هيكل جميل يحيط به رواق من العمد الكورنثية ، وهو قائم على أكمة صناعية وقد سقط أكثره وتصدعت الجدران ، وفيها برج مستدير وآثار سور. وفي بطن الوادي مماش مدرجة وفساقي منسقة وكراسي التماثيل وهيكل صغير وملعب نحتت مقاعده في الصخر. وفوق دكته كتابة يونانية كبيرة الحروف يقال فيها إن مرقص لوسياس بناه على نفقته ووهبه لأبناء وطنه. ويصعد من هذا الملعب بسلم منحوت في الصخر إلى البرج المستدير وهو ضخم الحجارة قديم البناء لم يبق منه إلا ما ارتفاعه عشرون قدما وعلى مقربة منه بقايا قصر مبني بحجارة كبيرة منحوتة وأغلاق أبوابه وكواه من الحجر كلها وهي كثيرة النقش عليها أكاليل بارزة من الأزهار والأثمار.
ومن أهم الآثار في الشام جسر المعاملتين وجسر جبيل بين البلدة ومدافنها