الحارث قصر الغضا وصفاة العجلات وقصر منار. وكان منزل جبلة بن النعمان بصفين وهو صاحب عين أباغ. وأصلح النعمان بن الحارث صهاريج الرصافة وكان بعض ملوك لخم خربها.
وحكم التنوخيون شمالي الشام قبل أن يجيئها جيوش العرب بقرون ولم نعرف للضجاعم والتنوخيين آثارا تذكر. وآثار الصفا ولغتها المأخوذة من الحميرية العربية بخط سبأ وآثار بني سميدع العرب في السويداء من جملة الشواهد على ذلك. وأقدم أثر عثر عليه العلماء وكتب بالعربية كتابة عثر عليها في زبد للجنوب الشرقي من حلب ، وأخرى في حران جنوبي دمشق من أعمال اللجاة في حوران. الأولى مثلثة اللغات عربية وسريانية ويونانية يرتقي عهدها إلى سنة ٥١٢ ب. م والثانية بالعربية واليونانية تاريخها سنة ٥٦٨ ب. م بيد أن دوسو اكتشف كتابة عربية مكتوبة بالحرف النبطي في حرّة وادي السوط على مسافة كيلو متر من النمرة في حوران إلى جنوبها الشرقي وتاريخ هذه الكتابة سنة ٢٢٣ لبصرى الموافقة لسنة ٣٢٨ للمسيح فتكون هذه أقدم كتابة عربية. وفي الكتابة المذكورة تاريخ وفاة أحد ملوك عرب الشام واسمه امرؤ القيس بن عمرو ملك بني أسد. وزار أحد عمال القياصرة في بادية الشام هذه الكتابة وأولها : «تي نفس (هذا قبر) امرء القيس بر (بن) عمرو ملك العرب كله ذو (الذي) أسر التاج وملك الأسدين ونزار وملوكهم الخ». ونسب دوسو عدة أبنية في سيف البادية إلى الغسانيين.
ولقد أخطأ كلرمون غانو في قوله : ليست المدنية العربية إلا كلمة خداعة لا وجود لها أكثر من فظائع الفتح العربي ، وإن المدنية العربية آخر أنوار المدنية اليونانية والرومانية طفئت بأيد خرقاء ولكنها محترمة وهي الإسلام. ليست الحضارة ثمرة جيل بذاته ولا هي مما يرتجل ارتجالا كالإرث لا يكون ابن يومه بل هو عبارة عن مجموع إرثي من القوى الحية. هو كنز من التوفير أتت عليه مئات من السنين قد يستطيع أحد اللصوص أن يضع يده عليه ويبذّر فيه يوما ، ولكن حياته بأسرها لا تكفي للإيجاد ، فقد احترمت هاته الأمة الحديثة النعمة ما وجدته من الإدارات والمعارف والفنون ، على حين لم يكن وراءها ماض تعتز به ، واقتصرت أن تحول كل شيء إلى منفعتها ، وبلغ