المهندس الذي ابتنى ميناء عكا لابن طولون. قال المقدسي : ولم تكن عكا على هذه الحصانة حتى زارها ابن طولون ، وقد كان رأى صور ومنعتها واستدارة الحائط على ميناها ، فأحب أن يتخذ لعكا مثل ذلك المينا ، فجمع صناع الكورة وعرض عليهم ذلك ، فقيل لا يهتدي أحد إلى البناء في الماء في هذا الزمان ، ثم ذكر له جدنا أبو بكر البناء ، وقيل : إن كان عند أحد علم هذا فعنده ، فكتب إلى صاحبه على بيت المقدس حتى أنهضه إليه ، فلما صار إليه وذكر له ذلك قال : هذا أمر هين عليّ بفلق الجميز الغليظة ، فصفها على وجه الماء بقدر الحصن البري ، وخيط بعضها ببعض ، وجعل لها بابا على الغرب عظيما ، ثم بنى عليها بالحجارة والشيد ، وجعل كلما بنى خمسة دوامس ربطها بأعمدة غلاظ ليشتد البناء ، وجعلت الفلق كلما ثقلت نزلت حتى إذا علم أنها قد جلست على الرمل تركها حولا كاملا حتى أخذت قرارها ، ثم عاد فبنى من حيث ترك ، وكلما بلغ البناء إلى الحائط القديم داخله فيه وخيطه به ، ثم جعل على الباب قنطرة ، فالمراكب في كل ليلة تدخل الميناء وتجر السلسلة مثل صور. قال المقدسي : وميناء صور وعكا من العجائب. وقال ابن إياس من أهل القرن العاشر : إن في صور قنطرة ليس في الدنيا أعظم منها وهي على قوس واحدة مثل قنطرة طليطلة بالأندلس إلا أنها دون قنطرة صور. وبنى أحمد بن طولون قلعة يافا ولم يكن لها قلعة من قبل.
وذكر المؤرخون أن جعفر بن فلاح لما فتح دمشق للفاطميين سنة (٣٥٨) نزل بظاهر سور دمشق فوق نهر يزيد وأقام أصحابه هناك الأسواق والمساكن وصارت شبه المدينة ، واتخذ لنفسه قصرا عجيبا من الحجارة ، وجعله عظيما شاهقا في الهواء غريب البناء. وهذه صورة ما وجد على جسر ثورا مكتوبا على حجر بالخط الكوفي على ما حققه استاذنا الشيخ طاهر الجزائري : أمر بعمارة الجسر المبارك مولانا الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين صلوات الله عليه تاج الأمراء ... جيوش ... شرف الملك عمدة الإمام سيف الإسلام معز الدولة وعضدها وأطال الله بقاءه في ربيع الأول سنة (٤٥٦).
وهب صاحب حلب محمود بن نصر لابن أبي حصينة المعري الأديب (٤٥٧) مكانا بحلب تجاه حمام الواساني فجعله دارا وزخرفها فلما تم بناؤها