والمصرية صاحب الثغور الشامية ، ومقدار النفقة على المراكب إذا غزت من مصر والشام نحو مائة ألف دينار.
وذكر المقريزي أن أول ما أنشئ الأسطول بمصر في أيام المعتصم سنة (٢٣٨) فأنشئت الشواني برسم الأسطول وجعلت الأرزاق لغزاة البحر كما هي لغزاة البر ، واجتهد الناس في تعليم أولادهم الرماية وجميع أنواع المحاربة وانتخب له القواد العارفون بمحاربة العدو ، وكان لا ينزل في رجال الأسطول جاهل بأمور الحرب ، وقد قويت العناية بالأسطول على عهد المعز الفاطمي ، فكانت المراكب تنشأ بمدينة مصر وإسكندرية ودمياط من الشواني الحربية والشلنديات والمسطحات وتسير إلى الساحل مثل صور وعكا وعسقلان. وكانت جريدة قواد الأسطول في آخر أمرهم تزيد على خمسة آلاف مدونة ، منهم عشرة أعيان يقال لهم القواد ولهم رواتب دارة ، وكانت عدة المراكب السائرة في أيام المعز لدين الله تزيد على ستمائة قطعة وآخر ما صارت إليه في آخر الدولة نحو مائة قطعة.
ولقد اتخذ المسلمون المناور البحرية لهداية السفن على الشواطئ الشامية ، وكانت في معظم السواحل رباطات للنيل من الأعداء إن قدموا بحرا ، فأهل دمشق يرابطون في بيروت ، وأهل القدس في الرملة أو يافا ، وأهل حمص في طرابلس ، وكان لقرية كفر سلّام من قرى قيسارية في فلسطين رباطات على البحر يقع فيها النفير ، وتقلع إليها شلنديات الروم وشوانيهم معهم أسارى المسلمين للبيع كل ثلاثة بمائة دينار ، وفي كل رباط قوم يذهبون في الرسالات ، ويحمل إليهم أصناف الأطعمة ويضج بالنفير لما تتراءى مراكبهم ، فإن كان الوقت ليلا أوقدت منارة ذلك الرباط ، وإن كان نهارا دخنوا ، ومن كل رباط إلى القصبة عدة منائر شاهقة ، قد رتب فيها أقوام فتوقد المنارة التي للرباط ثم إلى التي تليها ثم الأخرى ، فلا يكون ساعة إلا وقد أنفر بالقصبة ، وضرب الطبل على المنارة ، ونودي إلى ذلك الرباط وخرج الناس بالسلاح والقوة واجتمع أحداث الرساتيق ثم يكون الفداء رجل يشتري رجلا وآخر يطرح درهما أو خاتما حتى يشتري ما معهم. ورباطات هذه الكورة التي يقع بهن الفداء غزة ، ميماس ، عسقلان ،