منها الفرنج وصاغوا لفظ «اميرال» والأصل فيها أمير الماء أي الربان الأعظم وقائد الأسطول ، وقد أخذ الفرنج من العرب استعمال إبرة السفينة (الحك أو الحقة) وكان العرب أخذوها عن الصينيين فيما قيل وأخذها الفرنج عنهم في الحروب الصليبية.
ولما فتح العثمانيون الشام ومصر كان الأسطول العثماني في إبان قوته ، وكانت بعض سفنهم تقلع من مواني الروم وتأتي ساحل الشام ، وبعضها يقف بالمرصاد لقرصان البحر ، وإذا حدثت فتنة داخلية كانوا يجهزون بعض مراكبهم لتساحل الشام وتشاطئ الأرض التي نجم فيها الشر ، حتى إذا ضعفت بحرية العثمانيين بضعف الدولة ـ ولا سيما بعد أن أحرق أسطولها والأسطول المصري في نافارين يوم الفتنة اليونانية سنة (١٨٢٧) أصبحت السفن التي يتمتع سكان السواحل بمرآها للأمم الحديثة ، ولا سيما الروسيون والجنويون والبنادقة والفرنسيون والإنكليز ، وقلّت سفن البرتقاليين والإسبانيين لأن طرق مستعمرات هاتين الدولتين وتجاراتهما لم تكن على بحرنا ، وسفنهم تمخر العباب إلى وجهات أخرى في أميركا وآسيا. والغالب أن الصناعة أي صنع المراكب كان خاصا بالإستانة ولم يعهد في دور العثمانيين أن أنشأوا سفنا في صناعات الشام. وكان للعثمانيين مراكب في الفرات يستخدمونها لنقل جيوشهم من الشام إلى العراق ، ولا سيما في زمن الثورات والأزمات ، على ما يفهم من كتاب أسفار البحار لكاتب جلبي.
وانحلت بحرية الترك في أواخر أيامهم حتى صرت لا تشاهد في ساحل الشام إلا على الندر مراكب عثمانية ، وهي إذا قيست إلى غيرها تبين الفرق العظيم بين بحرية الأمم المتحركة المتجددة وبحرية الأمة الجامدة الخامدة. وكانت الدولة إن صحت عزيمتها في أواخر أيامها أن تنشئ لها طرادا أو رعادا أو غواصة أو دارعة أو يختا ، توصي عليه في صناعات إيطاليا أو فرنسا أو إنكلترا ، لأن العلم بذلك فقد من بنيها ، ولم تسر مع العصر في الرقي البحري ، كما سارت مع العصر في الجيش البري ، بمعنى أن الدولة العثمانية أصبحت قبيل انقراضها دولة برية فقط ، وكانت تجمع المزيتين