الكفاية. الجهة الرابعة المصالح العامة من عمارة الرباطات والقناطر والمساجد والمدارس. وهذا وجه الدخل والخرج.
وكانت عادة الخلفاء من بني أمية وبني العباس والفاطميين من لدن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن تجبى أموال الخراج ثم تفرق من الديوان في الأمراء والعمال والأجناد على قدر رتبهم وبحسب مقاديرهم ، وكان يقال لذلك في صدر الإسلام العطاء ، وما زال الأمر على ذلك إلى أن كانت دولة العجم ، فغير هذا الرسم ، وفرقت الأرضون إقطاعات على الجند ، وأول من عرف أنه فرق الإقطاعات على الجند نظام الملك وزير السلجوقيين ، وذلك أن مملكته اتسعت فرأى أن يسلم إلى كل مقطع قرية أو أكثر أو أقل على قدر إقطاعه ، فعمرت البلاد وكثرت الغلات ، واقتدى بفعله من جاء بعده من الملوك من أعوام بضع وثمانين وأربعمائة إلى أوائل القرن التاسع ـ قاله المقريزي.
وما عدا الأرض التي كان الملوك يوغرونها أي التي يدفع عنها أربابها قدرا من المال مرة واحدة فتعفى من الخراج ، وما خلا الإقطاعات التي يستأثر بها أصحابها من أرباب الدولة ولا يؤدون عنها خراجا وعدا ضياع كثيرة تعفى من الضرائب وعدا الصوافي ، واحدها صافية، وهو ما يستخلصه السلطان لخاصته أو هي الأملاك والأرضون التي جلا عنها أهلها أو ماتوا ولا وارث لها ـ ما عدا هذا كان هناك نوع من الأرضين يسمى إلجاء أي يلجأ صاحب الأرض إلى بعض الكبراء فيسجل ضيعته باسمه ، تعززا به من عمال الخراج حتى لا يجوروا عليه ، فتصبح الضيعة مع الزمن ملكا لذاك الكبير.
وكان العادلون من الملوك يعاقبون الملجئين والملجأ إليهم ، ولكن الناس يلجئون أملاكهم عند أرباب الصولة. وكم من مرة خربت الشام أو صقع كبير من أصقاعها بظلم ظالم من عمالها. ذكروا أن الخليفة الحاكم أعفى ولاية حلب من الخراج سنة (٤٠٧) لأنها كانت ضعفت بالفتن المتواصلة ، وأن ألب أرسلان لما ولي إمرة حلب رفع عن أهلها الكلف التي كانت مجددة عليهم وأن ابن ارتق (٥١٤) رفع المكوس عن أهل حلب والمؤن والكلف وأبطل ما جدده الظلمة من الجور والرسوم المكروهة.