في الأقاليم الشامية فراكوا جميع الديار الحلبية والشامية وأبطل في هذه السنة مكوس الغلة ، وكان مبلغا عظيما يؤخذ من ثمن الغرارة ثلاثة دراهم ونصف.
ومن جملة ما أبطلوه في أدوار مختلفة من الرسوم ، وهو ما نورده مثالا من حالة تلك الأيام ، ما أبطله برقوق مما كان متقررا على البردارية في كل شهر من المال ، وما كان يأخذه السماسرة على الغلال والكيالة ، وما كان مقررا لنائب طرابلس عندما يتولى على كل قاض من قضاة البر والولاة بغلة أو ثمنها خمسمائة درهم. وأبطل المنصور قلاوون من جملة ما أبطل من المظالم وظيفة ناظر الزكاة ، وهو أن يؤخذ ممن عنده مال زكاته ، فإن مات الرجل صاحب المال أو عدم ماله يبقى ذلك القدر المقرر عليه في الدفاتر ، يؤخذ من أولاده أو من ورثته أو من أقاربه ولو بقي منهم واحد. وفي سنة ٧٦٥ صدر مرسوم عن نائب المملكة الطرابلسية إلى نائب حصن الأكراد بإبطال ما أحدث في الحصن من الخمارة والفواحش وإلزام أهل الذمة بما أجرى عليه أحكامه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. وفي سنة (٧٩٦) أبطل نائب السلطنة بالقدس المكوس والمظالم والرسوم التي أحدثها قبله النواب ، ونقش بذلك رخامة ألصقت على باب الصخرة ، وأبطل الأشرف صلاح الدين ما كان يؤخذ على كل حمل يدخل باب الجابية بدمشق من القمح خمسة دراهم من المكس ، وأبطل المكوس والضرائب عن سائر أصناف الغلة بجميع الشام.
وتجد إلى اليوم على السواري الأربع القائمة في مدخل جامع بني أمية بدمشق من الغرب أربع وثائق في إبطال المكوس كتبت كل وثيقة على سارية. تاريخ الأولى سنة (٨٦٣) على عهد قايتباي الحمزاوي كافل الممالك الشامية أبطل بها الرسم المقرر على الأسواق والطواحين وغيرها من المكوس بدمشق. والثانية كتبت سنة (٨١٥) وهي مما أمر به الظاهر جقمق بإبطال المكوس على الأقمشة الحمصية وفرع الأردية وفرع القطن وغيرها. والثالثة بتاريخ سنة (٨٥٢) تقول بإنه ورد مرسوم الظاهر جقمق بإبطال بعض المكوس ومنها التمر والعفص والسمك البوري والحنا والقماش المصري والرابعة فيها ذكر القلي والخروع والقلقاس وجلود الجاموس والماعز.