لجنة مؤلفة من الوالي أو المتصرف أو المتسلم ورجال الشرع ووجوه البلدة وأعيانها يراعى فيها عدد النفوس الذكور ، أو الدور الموجودة في كل بلدة. وكان هذا التوزيع يسجل في المحاكم الشرعية ، وكان كل فرد يخضع لذلك التوزيع ، ويدفع ما يصيبه مرتاحا بحيث لا يبقى منه شيء في ذمم المكلفين. وقد دام الحال على هذا المنوال مدة أربعة أو خمسة عصور.
ولما تسرب الخلل إلى القوانين الموضوعة وأعلنت التنظيمات الخيرية ، كان من جملة الإصلاحات التي تذرع بها السلطان محمود وأقرها السلطان عبد المجيد تسجيل الأرضين والعقارات كافة في البلدان والقرى ، وذلك بتقدير قيم لها ، واستيفاء الضريبة على نسبة قيمتها. وكانت هذه الضريبة تجبى بمعرفة المختار في المدن والقرى (شيوخ الصلح أو شيوخ القرية). وهذا بموجب تذكرة إجمالية «طوب سركي» تدفع إلى المختار فيجبي ما يصيب كل شخص من المكلفين ، ويدفع المجبيّ في كل أسبوع أو خمسة عشر يوما أو شهر بحسب مقدار ما يجبى أو بحسب تعقيب الحكومة أو إهمالها.
ولما رأت الحكومة بأخرة أن بعض المختارين يتلاعبون بهذه الأموال ، وكثيرا ما كانوا يفرضون على الأهلين فرائض تربو على ما يصيبهم من التكاليف بدعوى النقص في الأموال حتى آضت الحال إلى تعذر الجبايات ـ منعت المختارين من معاملة الجباية وألفت لجانا خاصة ، وأنشأت ترسل لكل مكلف تذكرة باسمه يذكر فيها مقدار ما أصابه من الضريبة في كل سنة. وبها يجبي جابي الفرع المقيم به المكلف والذي يتأخر عن دفع دينه نجوما (تقاسيط) معينة تنذره رسميا حتى إذا لم يبادر في عشرة أيام من تاريخ تبليغه الإنذار إلى دفع ذمته ، تحجز أمواله المنقولة أو غير المنقولة فيما إذا لم يكن له أموال منقولة وإذا كان ممن لا يملك شيئا غيرها يحبس أحدا وتسعين يوما ، إذا ثبت اقتداره على الوفاء.
وفي سنة (١٩٢٥) أصدرت الدولة قانونا للجباية لم يخرج بجوهره عن النظام السابق إلا ما كان من الاكتفاء بحبس المدين شهرا واحدا بدلا من أحد وتسعين يوما على ما كان في النظام السابق إلى غير ذلك من العقود الشرعية التي لا علاقة لها بجوهر هذا النظام القديم ولا يزال التعامل جاريا على هذا النمط.