لقراءة القرآن ولكل منهم ثلاثون درهما في كل شهر ، ومن شرط الإمام الراتب أن يتصدى لإقراء القرآن للمذكورين ، وله على ذلك زيادة على معلوم الإمامة عشرون درهما ، وستة أيتام بالمكتب الذي على بابها ، ولكل منهم عشرة دراهم في كل شهر أيضا. وقرر لهم شيخا وله من المعلوم في الشهر ستون درهما ، وعاملا وله من المعلوم كل سنة ستمائة درهم ، ورتب المرتب في كل عام مثلها ، وللسبع ولقراءة البخاري والتواريخ مائة درهم ، ولأرباب الوظائف خمسة عشر رطلا من الحلوى ورأسا غنم أضحية ولكل من الأيتام جبة قطنية وقميص ... وتاريخ هذا الوقف (٨٤٧ ه).
ومن غريب الأوقاف وأجملها قصر الفقراء الذي عمره في ربوة دمشق نور الدين محمود بن زنكي. فإنه لما رأى في ذلك المتنزه قصور الأغنياء عزّ عليه أن لا يستمتع الفقراء مثلهم في الحياة ، فعمر القصر ووقف عليه قرية داريا وهي أعظم قرى الغوطة وأغناها. وفي ذلك يقول تاج الذين الكندي :
إن نور الدين لما أن رأى |
|
في البساتين قصور الأغنياء |
عمّر الربوة قصرا شاهقا |
|
نزهة مطلقة للفقراء |
وذكر القرماني أن داريا كان وقفها لعامة فقراء دمشق تفرق عليهم غلاتها ، وما برحت كذلك وقفا إلى القرن الحادي عشر كما قال كاتب چلبي.
ولقد أخر الاستكثار من الأوقاف سير الشرق في محجة الترقي ولا يزال مؤخرا لها ، وكم في هذا القطر من آثار ودور وقصور ومحال عامة هجرت وتعطلت بضياع أوقافها وكثرة المتنازعين عليها ، وكان من الأوقاف أن أضرت بالجباية التي تصرف في مصالح الدولة قال بلوك : إن العقار الموقوف على الأعمال الخيرية عند المسلمين لا يعفى من الضرائب فقط بل إنه لا يباع ، وهو امتياز انتفع به كثير من رؤساء البيوت واستخدموه في تدبير ثرواتهم ، ولذلك كثرت الأوقاف كثرة زائدة فأضرت كل الضرر بالمصلحة العامة ، ذلك لأن إعفاء الأحباس من الخراج يسلب الحكومة جزءا مهما من ريعها