أربع وثمانين وتسعمائة والثاني سنة أربع وسبعين وتسعمائة ، مثال من هذا التفنن. ووقف الأول على منزل في قرية القنيطرة للمترددين بين مصر والشام وزائري القدس ومشهد الخليل وجامع قرية الشعراء من عمل القنيطرة ومكتب على الصبيان وعمارة على الضيفان إلى غير ذلك من ضروب البر ، وفي هذا الكتاب كلام على المتولي ووظيفة الواقف وأولاده والبنات منهم أو انقراضهم ، وجباة الوقف ووظيفتهم وخطيب الجامع والإمامين ورئيس الحفاظ والقراء والمؤذنين ووظيفة ثلاثين قارئا ومفرّق الأجزاء ومن يقرأ سورة يس وعم والنصر وتبارك ومعلم الكتاب وخليفته والمبخر ، والمشروط لثمن القناديل والزيت ووظيفة الشّعال والبواب والقيم والكناس والفراش ومعاونه والبواب بالحوش ، وشيخ العمارة ونقيب اللحم والخبز ووكيل خرج العمارة وصاحب المستودع ومعاونه وحافظ الغلال والخباز وتلميذه والطباخ وتلميذيه ، ومن يغسل الصحون وينقي الأرز ودقاق الحنطة والبناء والبستاني ومصلّح الصحون وكناس منازل المسافرين والذاكرين في مسجد القنيطرة والمؤذنين بجامع الأموي بدمشق ، والمشروط لحصير المكتب بالقنيطرة ، ووظيفة من يرمم الموقوفات ورئيس الشواة ، وشرط الواقف في الإطعام ومدة إقامة المسافرين إلى غير ذلك من الشروط والقيود مما لا يصدر إلا عن أناس ذاقوا طعم الحضارة وأشربت نفوسهم محبة الخير. ولهذا من الأمثال مئات وألوف ، وقد بلغ ريع الأوقاف التي استصفتها الحكومة في الشام وأدخلتها في موازنتها بضع مئات الألوف من الليرات وقد أكل أكثر منها ، ولو صرفت على ما وضعت له لما بقي في القطر جاهل ولا معوز. وفي حجة وقف تكية السلطان سليمان بدمشق المؤرخة سنة (٩٦٤) غرائب من شروط البر لا تخطر في الفكر. منها إطعام ثمانمائة فقير في كل غد وعشية وأن يكون الخازن على غلاله حفيظا فظا غليظا حتى لا يني في توزيع الغلال وأخذها منه. وكان الواقفون يعينون على الأكثر المبالغ التي تعطى للمباشرين لخيراتهم من العلماء وغيرهم ، كما عينوا نوع الصدقات ومقدارها ، ففي كتاب وقف المدرسة الدلامية بدمشق أن صاحبها رتب بها إماما وله من المعلوم مائة درهم ، وقيّما وله مثل الإمام ، وستة أنفار من الفقراء الغرباء المهاجرين