الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية وأئمتها ومدرسيها وفقهائها ، وما وقفه على دور الصوفية والرّبط والجسور والبيمارستانات والجوامع والمساجد والأسوار وما وقفه على أبناء السبيل في طريق الحجاز ، وما وقفه على فكاك الأسرى وتعليم الأيتام ، وقصر الغرباء وفقراء المسلمين ، وما وقفه على الأشراف العلويين والعباسيين ، وما ملكه لجماعة من الأولياء والغزاة والمجاهدين. هذا عدا ما أنعم به على أهل الثغور من أملاكهم فإنه يضاهي هذا المبلغ وزيادة. ولهم أوقاف على فكاك الأسرى ومنها وقفان سجلا على الحجر بالحرف الكوفي في مدينة بصرى في حوران تاريخ أحدهما سنة (٥٦١) ووقف جاولي أربعة حوانيت ووقف آخران فرنا ودارا على من لا يكون له أهل ولا يقدر على فكاك نفسه.
قال ابن جبير من أهل القرن السادس عند كلامه على مشاهد دمشق : ولكل مشهد من هذه المشاهد أوقاف معينة على بساتين وأراض بيضاء ورباع ، حتى إن البلد تكاد الأوقاف تستغرق جميع ما فيها ، وكل مسجد يستحدث بناؤه أو خانقة يعين لها السلطان أوقافا تقوم بها وبساكنيها الملتزمين لها ، وهذه أيضا من المفاخر المخلدة ، ومن النساء الخواتين ذوات الأقدار من تأمر ببناء مسجد أو رباط أو مدرسة وتنفق فيها الأموال الواسعة وتعين لها من مالها الأوقاف ، ومن الأمراء من يفعل مثل ذلك. وذكر ابن بطوطة في القرن الثامن في رحلته كلاما يقرب من كلام ابن جبير قال : والأوقاف بدمشق لا تحصر أنواعها ومصارفها لكثرتها ، فمنها أوقاف على العاجزين عن الحج لمن يحج عن الرجل كفايته ، ومنها أوقاف على تجهيز البنات إلى أزواجهن ، وهن اللواتي لا قدرة لأهلهن. على تجهيزهن ، ومنها أوقاف لفكاك الأسرى ، ومنها أوقاف لأبناء السبيل يعطون منها ما يأكلون ويلبسون ويتزودون لبلادهم ، ومنها أوقاف على تعديل الطرق ورصفها ومنها أوقاف لسوى ذلك من أفعال الخير. قال : مررت يوما ببعض أزقة دمشق فرأيت بها مملوكا صغيرا قد سقطت من يده صفحة من الفخار الصيني ، وهم يسمونها الصحن ، فتكسرت واجتمع عليه الناس فقال له بعضهم : اجمع شقفها واحملها معك لصاحب أوقاف الأواني فجمعها وذهب الرجل معه إليه فأراه