عائدين ، واستأذنا عليها ، فأبت أن تأذن لهما ، فلما رأى ذلك أبو بكر أعطى الله عهداً ألا يظله سقف بيت حتى يدخل على فاطمة يترضاها ، فبات ليلة في البقيع ما أظله شيء ، ثمّ انّ عمر أتى عليا عليهالسلام ، قال له : انّ أبا بكر شيخ رقيق القلب ، وقد كان مع رسول الله في الغار ، وله صحبة ، وقد أتيناها غير هذه المرة مراراً ، نريد الإذن .. (١).
أقول : بالصيف ضيعت اللبن ، كما في المثل (٢).
قال ابن كثير : الفجاءة اسمه إياس بن عبد الله بن عبد ياليل بن عميرة بن خفاف من بني سليم ، قاله ابن اسحاق ، وقد كان الصدّيق حرق الفجاءة بالبقيع في المدينة ، وكان سببه : أنه قدم عليه فزعم أنه أسلم ، وسأل منه أن يجهز معه جيشاً يقاتل به أهل الردّة ، فجهز معه جيشاً ، فلما سار جعل لا يمرّ بمسلم ولا مرتد إلا قتله وأخذ ماله ، فلما سمع الصديق بعث وراءه جيشاً فردّه ، فلما أمكنه بعث به إلى البقيع ، فجمعت يداه إلى قفاه وألقي في النار ، فحرقه وهو مقموط (٣).
وفي تاريخ اليعقوبي : أنه قال لأبي بكر : يا خليفة رسول الله! اني قد أسلمت ، فأعطاه أبو بكر سلاحاً ، فخرج من عنده ، فبلغه أنه يقطع الطريق ، فكتب إلى طريفة بن حاجزة : انّ عدو الله ابن الفجاءة خرج من عندي ، فبلغني أنه قطع
__________________
(١) اللمعة البيضاء / ٨٧٣ ؛ مجمع النورين / ١٤٣.
(٢) يقال ذلك إذا فرط في أمره في وقته ، معناه : طلبت الشيء في غير وقته. انظر : لسان العرب ، مادة (صيف).
(٣) البداية والنهاية ٦ / ٣٥١ ؛ انظر : تاريخ الأمم والملوك (الطبري) ٢ / ٤٩٣ ؛ الغدير ٧ / ١٥٧ ؛ معالم المدرستين ٢ / ٧٨.