روى ابن أبي الدنيا قال : بينا عمر بن الخطاب يعرض للناس ، إذ مرّ به رجل معه ابن له على عاتقه ، فقال عمر : ما رأيت غراباً أشبه بغراب من هذا بهذا؟! فقال الرجل : أما والله يا أمير المؤمنين لقد ولدته أمه وهي ميتة ، قال : ويحك ، وكيف ذلك؟ قال : خرجت في بعث كذا وكذا ، وتركتها حاملاً به ، فقلت : أستودع الله ما في بطنك ، فلما قدمت من سفري أخبرت أنها قد ماتت ، فبينا أنا ذات ليلة قاعد في البقيع مع بني عمّ لي إذ نظرت فإذا ضوء شبه السراج (١) في المقابر ، فقلت لبني عمّي : ما هذا؟ فقالوا : ما ندري ، غير انا نرى هذا الضوء كلّ ليلة عند قبر فلانة ، فأخذت معي فأساً ، ثمّ انطلقت نحو القبر ، فإذا القبر مفتوح ، وإذا هو بحجر أمه ، فدنوت فناداني مناد : أيها المستودع ربّه ، خذ وديعتك ، أما لو استودعته أمه لوجدتها ، قال : فأخذت الصبي ، وانضمّ القبر (٢).
ذكر المناوي عن ابن جماعة : لما حج ابن المرحل المقدس سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ورجع إلى المدينة ، سمع شيخاً من المحدثين يقول : كان في جسد بعض الناس بياض ، فكان يخرج إلى البقيع عرياناً ، وفي السحر يعود ، فبرأ بذلك الغبار ، فكان ابن المرحل حصل في نفسه شيء ، فنظر في يده ، فوجد فيها بياضاً قدر درهم ، فأقبل على الله بالدعاء والتضرع ، وخرج إلى البقيع ، وأخذ من رمل الروضة ، ودلك به ذلك البياض ، فذهب (٣).
__________________
(١) جاء في نقل الطبراني في كتاب الدعاء / ٢٦٠. : .. فارتفعت نار بين القبور ، فقلت لبني عمي : ما هذه النار ، فتفرقوا عني ، فأتيت أقربهم مني ، فسألته ، فقال : نرى على قبر فلانة كلّ ليلة نارا ، فقلت : إنّا لله وَإنّا إلَيهِ راجِعُون ، أما والله إن كانت لصوامة .. قوامة عفيفة مسلمة ، انطلق بنا ، فأخذت الفاس ..
(٢) كتاب الهواتف / ٤٩ ؛ وروى نحوه الطبراني في الدعاء / ٢٦٠ بتفاوت يسير ؛ كشف الخفاء ١ / ٣٢٢.
(٣) فيض القدير ٤ / ٥٢٦.