أقول : الظاهر أنّ بقيع العمات كان ضمن البقيع من الأساس ، ولكن الموانع والزقاق أوجدت بعد ذلك ، وهو أمر طبيعي ، فما حصل في عام ١٣٧٣ هو ازالة الموانع ، لا ضم مكان إلى مكان آخر ، وهذا بخلاف حشّ كوكب الذي صرّح ابن الأثير (١) وغيره بكونه خارج البقيع.
وكتب العلامة السيد جعفر بحرالعلوم عن علماء السير والتواريخ : أن أكثر أصحاب النبي دفنوا في البقيع ، وذكر القاضي عياض في المدارك : أن المدفونين من أصحاب النبي هناك عشرة آلاف ، ولكن الغالب منهم مخفي الآثار عيناً وجهة (٢).
وكتب الأستاذ فهيم محمود شلتوت : قال المطري : إن أكثر الصحابة (رض) ممن توفّى في حياة النبي وبعد وفاته مدفونون بالبقيع ، وكذلك سادات أهل بيت النبي وسادات التابعين .. وقال المجد : لاشك أن مقبرة البقيع محشوة بالجماء الغفير من سادات الأمة (٣). ونقل ما روي عن عياض في المدارك عن مالك.
روى ابن سعد والحاكم النيسابوري باسناده عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يرتاد لأصحابه مقبرة يدفنون فيها (٤) ، فكان قد جاء نواحي المدينة وأطرافها ، قال : ثم قال : «أمرت بهذا الموضع» ، وكان يقال : بقيع الخبخبة ، وكان أكثر نباته الغرقد ، .. فكان أول من قبر هناك عثمان بن مظعون ،
__________________
(١) النهاية ١ / ٣٨٩.
(٢) تحفة العالم في شرح خطبة المعالم ، السيد جعفر آل بحر العلوم ـ المطبوع مقتبسها في آخر بحار الأنوار ٤٨ / ٢٩٧ ؛ وانظر : فصول من تاريخ المدينة / ١٦٧ ؛ بقيع الغرقد / ٥١.
(٣) هامش تاريخ المدينة المنورة ١ / ٨٦.
(٤) انظر : الشرح الكبير ٢ / ٣٨٩ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٨٩.