بأعلى صوته : يا أهل القبور! الذي كنتم تقاتلونا عليه صار بأيدينا وأنتم رميم. فقال الحسين بن علي عليهالسلام : قبّح الله شيبتك ، وقبّح وجهك ، ثمّ نتر يده وتركه ، فلولا النعمان بن بشير أخذ بيده وردّه إلى المدينة لهلك (١).
روي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر أنه قال : رأيت فتى أحسن من الشمس الطالعة ببقيع الفرقدين قبرين قبر الحسن وعلي بن الحسين ، والباقر يبكي بكاءً لم أسمع أشجى منه ، فقلت : يا صبي! ما الذي أفردك بالخلوة في المقابر؟ فقال :
إنّ الصبي صبيّ العقل لا صغر |
|
أزرى بذي العقل فينا (٢) ولا كبر |
فقلت : أراك الله حدثاً تأتي بمثل هذا الكلام ، فقال : «إنّ الله إذا أودع عبداً حكمة لم يزدره الحكماء (٣) لصغر سنّه ، وكان عليه من الله نوره والمهابة» ، فقلت : بأبي (ما (٤)) سمعت كلاماً أرصن من كلامك ، لا شك انك من أهل بيت حكمة ، فمن أنت؟ قال : من شقاوة أهل الدنيا قلة معرفتهم بأولاد الأنبياء ، أنا محمد بن علي بن الحسين ، وهذا قبر أبي.
فأيّ أنس آنس من قربه |
|
وأيّ وحشة لاتكون مع فقده (٥) |
__________________
(١) الإحتجاج ١ / ٤٠٩ ؛ بحار الأنوار ٤٤ / ٧٨.
(٢) وفي نسخة : فيها.
(٣) وفي نسخة : العلماء.
(٤) هذه الزيادة منا.
(٥) ألقاب الرسول وعترته / ٥٨ ، لبعض المحدثين والمؤرخين من قدمائنا (المطبوع مع المجموعة النفيسة / ٢١٤).