قال ابن أبي الحديد : ثمّ اختلفوا في موضع دفنه ، فرأى قوم أن يدفنوه بمكة ، لأنها مسقط رأسه ، وقال من قال : بل بالمدينة ، ندفنه بالبقيع عند شهداء أحد ، ثم اتفقوا على دفنه في البيت الذي قبض فيه ، وصلوا عليه ارسالاً لا يؤمهم أحد ، وقيل : ان علياً عليهالسلام أشار بذلك فقبلوه (١).
وجاء في الكافي عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «أتى العباس أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : إنّ الناس قد اجتمعوا أن يدفنوا رسول الله صلىاللهعليهوآله في بقيع المصلى ، وأن يؤمهم رجل منهم ، فخرج أمير المؤمنين عليهالسلام إلى الناس ، فقال : يا أيها الناس ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله إمام حيّاً وميّتاً ، وقال : إني أدفن في البقعة التي أقبض فيها ، ثمّ قام على الباب فصلى عليه ، ثمّ أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ، ثمّ يخرجون» (٢).
أقول : المستفاد من الأخبار : أنّ المقصود من البقيع الذى أراد بعض المسلمين أن يدفنوا فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله هو إحدى الأمرين :
١. بقيع المصلى ، كما في الكافي.
٢. بقيع الغرقد ، كما هو المستفاد من بعض الأخبار.
والظاهر أن ماذكره ابن أبي الحديد من إرادة بعض الناس دفن النبي
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٠ / ١٨٤ ؛ وانظر : الإمامة والسياسة ١ / ٢ ؛ الطبقات الكبرى ٢ / ٢٩٢ ؛ مسند أبي يعلى ٨ / ٣٧١ ؛ مسند اسحاق ابن راهويه ٣ / ٧٣٨ ؛ تنوير الحوالك ، السيوطي / ٢٣٩ ؛ شرح نهج البلاغة ١٣ / ٣٨ ؛ مجمع الزوائد ٩ / ٣٣ ؛ السيرة النبوية ٤ / ٥٣٢ ؛ تحفة الأحوذي ٤ / ٨٤ ؛ الجامع لأحكام القرآن ٤ / ٢٢٤ ؛ بغية الباحث / ٢٨٨ ؛ كنز العمال ٧ / ٢٢٩ و ٢٣٧ ؛ سبل الهدى والرشاد ١٢ / ٣٣٣ ؛ فقه الرضا / ١٨٨ ؛ الحدائق الناضرة ١٠ / ٤٥١ ؛ جواهر الكلام ١٢ / ١٠٢ و ١٠٣ ؛ بحار الأنوار ٢٢ / ٥١٧ و ٥٤٠ و ٧٨ / ٣٠٢ ؛ الغدير ٧ / ١٨٧.
(٢) الكافي ١ / ٤٥١ ؛ انظر : فقه الرضا / ١٨٨ ؛ بحار الأنوار ٧٨ / ٣٧٤.