من ورائهم ، ولم يبق بالمدينة سوى هؤلاء إلا حضر ، حتى لم يبق بالمدينة ثيب ولا عاتق إلا خرجت ، ثمّ دعا بأبي ذر وسلمان والمقداد وعمار ، فقال لهم : كونوا بين يدي حتى توسط البقيع ، والناس محدقون به ، فضرب الأرض برجله ، ثمّ قال : ما لك ـ ثلاثاً ـ فسكنت ، فقال : صدق الله وصدق رسوله صلىاللهعليهوآله ، فقد أنبأني بهذا الخبر وهذا اليوم وهذه الساعة ، وباجتماع الناس له ، إنّ الله عزوجل يقول في كتابه : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها* وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها* وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها)(١) ، أما لو كانت هي هي لقالت ما لها وأخرجت إليّ أثقالها. ثم انصرف وانصرف الناس معه ، وقد سكنت الرجفة. (٢)
روى الشيخ الكليني باسناده عن عيسى شلقان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «إن أمير المؤمنين عليهالسلام له خؤولة في بني مخزوم ، وإنّ شاباً منهم أتاه فقال : يا خالي ، إنّ أخي مات ، وقد حزنت عليه حزناً شديداً ، قال : فقال له : تشتهي أن تراه؟ قال : بلى ، قال : فأرني قبره ، قال : فخرج ومعه بردة رسول الله صلىاللهعليهوآله متّزراً بها ، فلما انتهى إلى القبر تلملمت (٣) شفتاه ، ثمّ ركضه برجله ، فخرج من قبره وهو يقول (٤) بلسان الفرس ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : ألم تمت وأنت رجل من العرب؟! فقال : بلى ، ولكنّا متنا على سنة فلان وفلان ، فانقلبت ألسنتنا» (٥).
__________________
(١) سورة الزلزلة : ١ ـ ٣.
(٢) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ، شرف الدين علي الحسيني ٢ / ٨٣٨ ؛ بحار الأنوار ٤٨ / ٢٩٨ ؛ و ٤١ / ٢٧٢ ؛ مستدرك سفينة البحار ١ / ٣٨٦.
(٣) وفي بعض النسخ : تململت.
(٤) جاء في الثاقب / ٢٢٨ : وهو يقول : «منكل» ، بلسان الفرس ، وفي المناقب ٢ / ١٦٤ : «وميكا»
(٥) الكافي ١ / ٣٨٠ ، كتاب الحجة ، باب مولد أمير المؤمنين عليهالسلام ، ح ٨.