الطريق ، وأخاف السبيل ، فسر إليه حتى تأخذه ، وتقدم طريفة ، فسار إليه ، فقتل قوماً من أصحابه ، ثمّ لقيه فقال : اني مسلم ، وأنه مكذوب عليّ ، فقال طريفة : فإن كنت صادقاً فاستأسر حتى تأتي أبا بكر فتخبره! فاستأسر ، فلما قدم به على أبي بكر أخرجه إلى البقيع فحرقه بالنار ، وحرق أيضاً رجلاً من بني أسد يقال له شجاع بن ورقاء .. (١).
أقول : إذا كان جزاؤه القتل فلا داعي للحرق ، فكان بإمكانه أن يقتله من دون أن يحرقه ، فكم حصلت المآسي وبرزت مظاهر العنف مما شوّه سمعة الاسلام والمسلمين ، قيل : ان أبا بكر ندم على فعله وقال في مرض موته : أما إني لا آسي على شيء إلا على ثلاث فعلتهنّ ، وددت أني لم أفعلهنّ .. فوددت إني لم أكن كشفت بيت فاطمة ، وتركته وإن أغلق عليّ الحرب ، .. وددت أني يوم أتيت بالفجاءة السلمي لم أكن أحرقه ، وقتلته سريحاً أو أطلقته نجيحاً .. (٢).
روى اليعقوبي عن ابن عباس : طرقني عمر بن الخطاب بعد هدأة من الليل ، فقال : اخرج بنا نحرس نواحي المدينة! فخرج وعلى عنقه درّته حافياً ، حتى أتى بقيع الغرقد ، فاستلقى على ظهره ، وجعل يضرب أخمص قدميه بيده ، وتأوه صعداً ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ، ما أخرجك إلى هذا الأمر؟ قال : أمر الله يا ابن عباس ،
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ، أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي ٢ / ١٣٤.
(٢) المعجم الكبير ١ / ٦٣ ؛ انظر : الخصال ، الشيخ الصدوق ١٧٢ / ؛ تاريخ الأمم والملوك (الطبري) ٢ / ٦١٩ ؛ ميزان الاعتدال ٣ / ١٠٩ ؛ لسان الميزان ٤ / ١٨٩ ؛ تاريخ مدينة دمشق ٣ / ٤١٩ و ٣٠ / ٤٢١ و ٤٢٢ ؛ السقيفة وفدك ، الجوهري / ٤٣ ؛ شرح نهج البلاغة ٢ / ٤٦ ؛ كنز العمال ٥ / ٦٣١.