أهله وإخوته ، إنّما هو رجل يحرك قلبه بذكر الأموات كلّما عرضت له قسوة ، جعل محمد بن المنكدر بعد يمرّ بي فيأتي البقيع ، فسلمت عليه ذات يوم ، فقال : أما نفعتك موعظتك موعظة صفوان ، قال : فظننت أنه انتفع بما ألقيت إليه منها (١).
روى أبو يعلى عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه شهد باباً من بقيع الغرقد كان قاعداً خلق خلفه ، فيهم أنس بن مالك ، قال : فسمعته يذكر من صفة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكان في ما ذكر أن قال : تنبّأ رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو ابن أربعين ، فمكث بمكة عشراً ، وبالمدينة عشراً ، وتوفي وهو ابن ستين ، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء (٢).
جاء في عيون الأثر وتاريخ بغداد عن المفضل بن غسان : حضرت يزيد بن هارون في سنة ثلاث وتسعين ومائة بالمدينة ، وهو يحدّث بالبقيع ، وعنده ناس من أهل المدينة يسمعون منه ، حتى حدثهم عن محمد بن اسحاق ، فأمسكوا وقالوا : لا تحدثنا عنه! نحن أعلم به ، فذهب يزيد يحاولهم فلم يقبلوا! (٣).
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق ٢٤ / ١٣٢ ؛ سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٦٦ ؛ تهذيب الكمال ١٣ / ١٨٩.
(٢) مسند أبي يعلى ٦ / ٣١٩.
(٣) عيون الأثر ١ / ٢٠ ؛ تاريخ بغداد ١ / ٢٤١.