ومات أبوه ـ وكان من الصالحين ـ سنة ثمان وستين ، فنشأ يتيماً فقيراً لا مال له ، ثمّ اشتغل وحصل وسمع الكثير وانتصب للافادة والإشتغال ، فطار ذكره ، فلما مات التقي سليمان سنة خمس عشرة ولي قضاء الحنابلة ، فباشره أتمّ مباشرة ، وخرجت له تخاريج كثيرة ، فلما كانت هذه السنة خرج للحج ، فمرض في الطريق ، فورد المدينة النبوية على ساكنها رسول الله أفضل الصلاة والسلام ، يوم الإثنين ، الثالث والعشرين من ذي القعدة ، فزار قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله وصلى في مسجده ، وكان بالأشواق إلى ذلك ، وكان قد تمنى ذلك لما مات ابن نجيح ، فمات في عشية ذلك اليوم ، يوم الثلاثاء ، وصلى عليه في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله بالروضة ، ودفن بالبقيع ، إلى جانب قبر شرف الدين بن نجيح ، الذي كان قد غبطه بموته هناك سنة حجّ هو وهو قبل هذه الحجة ، شرقيّ قبر عقيل (١).
اسمه عبد مناف ، وكان الأرقم من السابقين إلى الاسلام ، واستخفى الرسول في بيته بأصل الصفا بمكة (٢) ، حتى كملوا أربعين رجلاً ، شهد بدراً وما بعدها ، آخى رسول الله صلىاللهعليهوآله بينه وبين عبد الله بن أنيس (٣) ، توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين ، وهو ابن خمس وثمانين سنة ، وصلى عليه سعد بن أبي وقاص (٤) ، ودفن بالبقيع (٥) ،
__________________
(١) البداية والنهاية ١٤ / ١٤٥ ؛ وانظر : موسوعة طبقات الفقهاء ٨ / ٢٢٨.
(٢) تاريخ مدينة دمشق ٤ / ٣٢٥.
(٣) تاريخ مدينة دمشق ٤ / ٣٢٥.
(٤) تاريخ مدينة دمشق ٤ / ٣٢٦.
(٥) تاريخ مدينة دمشق ٤ / ٣٢٥ ؛ انظر : اسد الغابة ١ / ٦٠ ؛ الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال ، محمد بن علي بن حمزة الشافعي / ٢٠ ؛ أعيان الشيعة ٣ / ٢٤٤ ؛ معالم المدرستين ٢ / ١٢٩.