وروى عبد الرزاق عن ابن جريح قال : حدثت أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان ينطلق بطوائف من أصحابه إلى دفنى بقيع الفرقد ، فيقول : «السلام عليكم يا أهل القبور ، لو تعلمون مما نجاكم الله مما هو كائن بعدكم ، ثمّ يلتفت إلى أصحابه ، وفيهم يومئذ الأفاضل ، فيقول : أنتم خير أم هؤلاء؟ فيقولون : نرجو أن لا يكونوا خيراً منّا ، هاجرنا كما هاجروا ، ولم يأكلوا من أجورهم شيئاً ، وإنكم تأكلون من أجوركم ، فإنّ هؤلاء قد مضوا ، وقد شهدت لهم ، وإني لا أدري ما تحدثون بعدي» (١).
روى الحاكم عن أم قيس : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج بها في سكك المدينة حتى انتهى إلى البقيع الغرقد ، فقال : «يا أم قيس! قلت : لبيك وسعديك يا رسول الله ، قال : أترين هذه المقبرة؟ قلت : نعم يا رسول الله ، قال : يبعث منها سبعون ألفاً يوم القيامة بصورة القمر ليلة البدر ، يدخلون الجنة بغير حساب» (٢).
روي أحمد عن أبي السليل قال : وقف علينا رجل في مجلسنا بالبقيع ، فقال : حدثني أبي أو عمي : أنه رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالبقيع وهو يقول : «من يتصدق بصدقة أشهد له بها يوم القيامة» ، قال : فحللت من عمامتي لوثاً أو لوثين وأنا أريد أن أتصدق بهما ، فأدركني ما يدرك ابن آدم ، فعقدت على عمامتي ، فجاء رجل لم أر بالبقيع رجلاً أشدّ منه سواداً ولا أصغر منه ولا أذمّ ببعير ساقه لم أر بالبقيع ناقة
__________________
(١) مصنف عبد الرزاق ٣ / ٥٧٥ ؛ وانظر : تفسير الثعالبي ٥ / ٢٢١.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٤ / ٦٨ ؛ انظر : المعجم الكبير ٨ / ٢١٦ ؛ مسند أبي داود الطيالسي / ٢٢٧ ؛ كتاب الثقات ٥ / ٤٧٠ ؛ الإصابة ٤ / ٤٤٠ ؛ فتح الباري ١١ / ٣٥٩ ؛ كنز العمال ١٢ / ٢٦٢ ؛ الفائق في غريب الحديث ١ / ٢٢٥ ؛ النهاية في غريب الحديث ١ / ٣٢٥ و ٢ / ٥٠ ؛ لسان العرب ٢ / ٢٢ و ١٢ / ١٨٦.