أسامة بن زيد ، فأمرهم بالمسير إلى البلقاء ، حيث أصيب زيد وجعفر عليهماالسلام من الروم ، وخرج في تلك الليلة إلى البقيع ، وقال : «إني قد أمرت بالإستغفار عليهم ، فقال عليهالسلام : السلام عليكم يا أهل القبور ، ليهنكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، يتبع أولها آخرها ، ثمّ استغفر لأهل البقيع طويلاً ، ثمّ قال لأصحابه : انّ جبريل كان يعارضني القرآن في كلّ عام مرّة ، وقد عارضني به العام مرّتين ، فلا أراه إلا لحضور أجلي (١).
وروى الطبرسي : أنه يوم الأحد لليال بقين من صفر أخذ بيد علي عليهالسلام ، وتبعه جماعة من أصحابه ، وتوجه إلى البقيع ، ثمّ نقل نحو ما ذكره ابن أبي الحديد ، ثمّ قال : «يا علي ، إنّي خيّرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها أو الجنة فاخترت لقاء ربي والجنة ، فإذا أنا متّ فغسّلني ، واستر عورتي ، فانه لا يراها أحد إلا أكمه ، ثمّ عاد إلى منزله ، فمكث ثلاثة أيام موعوكاً ..» (٢).
روى الفرات الكوفي عن أبي ذرالغفاري قال : كنت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو بالبقيع الغرقد ، فقال : «والذي نفسي بيده ، انّ فيكم رجلاً يقاتل الناس على تأويل القرآن ، كما قاتلت المشركين على تنزيله ، وهم في ذلك يشهدون أن لا إله إلا الله ، وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ، فيكبر قتلهم على الناس ، حتى يطعنوا على ولي الله ، ويسخطوا عمله كما سخط موسى من أمر السفينة وقتل الغلام وإقامة
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٠ / ١٨٣ ؛ وانظر : السيرة النبوية (لابن هشام) ٤ / ١٠٥٦ ؛ عيون الأثر ٢ / ٤٢٩ ؛ البداية والنهاية ٥ / ٢٤٣.
(٢) إعلام الورى بأعلام الهدى ، الطبرسي ١ / ٢٦٤.