فمرّ جعفر بن محمد عليهالسلام يريد العريض ، فقال : «أعن أثر وقفت ههنا؟ هذا موقف نبي الله صلىاللهعليهوآله بالليل إذ جاء يستغفر لأهل البقيع» (١).
أقول : يستفاد من الخبر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقف في الموضع الذي صار مقبرة آل بيته عليهمالسلام بالبقيع ، إذ أنهم دفنوا في دار عقيل ، كما يأتي.
روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال : «كنت نائما ليلة النصف من شعبان ، فأتاني جبرئيل عليهالسلام ، قال : يا محمد ، أتنام في هذه الليلة؟ فقلت : يا جبرئيل ، وما هذه الليلة؟ قال : هي ليلة النصف من شعبان ، قم يا محمد ، فأقامني ، ثمّ ذهب بي إلى البقيع ، ثمّ قال لي : ارفع رأسك ، فإنّ هذه الليلة تفتح أبواب السماء ، فيفتح فيها أبواب الرحمة ، وباب الرضوان ، وباب المغفرة ، وباب الفضل ، وباب التوبة ، وباب النعمة ، وباب الجود ، وباب الإحسان ، يعتق الله فيها بعدد شعور النعم» (٢).
وروى ابن ماجة عن عائشة : فقدت النبي صلىاللهعليهوآله ذات ليلة ، فخرجت أطلبه ، فإذا هو بالبقيع رافع رأسه إلى السماء ، فقال : «يا عائشة ، أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت : قد قلت : وما بي ذلك ، ولكني ظننت أنك أتيت بعض نسائك ، فقال : انّ الله تعالى ينزل النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب» (٣).
أقول : المراد من النزول هو نزول رحمته الخاصة في تلك الليلة المباركة ، ورفع
__________________
(١) انظر : وفاء الوفا ٣ / ٨٩٠ ؛ دائرة المعارف الاسلامية الشيعية ، السيد حسن الأمين ٨ / ٢٦٤.
(٢) بحار الأنوار ٩٥ / ٤١٣.
(٣) سنن ابن ماجة ١ / ٤٤٤ ؛ انظر : سنن الترمذي ٢ / ١٢١ ؛ مصنف ابن أبي شيبة ٧ / ١٣٩ ؛ مسند أحمد ٦ / ٢٣٨ ؛ مسند اسحاق ابن راهويه ٢ / ٣٢٦ ؛ منتخب مسند عبد بن حميد / ٤٣٧ ؛ الدر المنثور ٦ / ٢٦ ؛ فضائل الأوقات / ١٣١ ؛ معجم أحاديث الإمام المهدي ، عدة من المحققين ومنهم المؤلف ٢ / ٢٦٩.