فيهما على أنه إذا قصد المتعة ولم يذكر الشرط ينعقد دائما ، وإنما المستفاد منهما أن الدوام لا يذكر فيه الأجل ، وهو عجيب من مثل هذا الفحل المشهور ، فإنه لا يخفى على أدنى ناظر في خبر أبان أن سياق الخبر ينادي بأفصح لسان ، ويصرح بأوضح بيان ، بأنه في صورة عقد المتعة المشتمل على شروطها المتكررة في الأخبار لو أخل بذكر هذا الشرط من بينها لمكان الاستحياء انقلب عقده دائما ، وإن اشتمل على تلك الشروط الأخر ، فكيف يتم له دعوى أنه لم يقصد المتعة ، وسياق الخبر كما ترى ونحوها فيما ذكرناه أيضا الخبر الحادي عشر بالتقريب المتقدم.
وبالجملة فإن جوابهم عن هذه الأخبار لتشييد قاعدتهم التي بنوا عليها وضابطتهم التي استندوا إليها محض مجازفة لا تشفي العليل ولا يبرد الغليل ، على أنك قد عرفت انتقاض هذه القاعدة وبطلان ما يترتب عليها من الفائدة بما دلت عليه الأخبار الدالة على صحة العقود المشتملة على الشروط الفاسدة ، مع بطلان الشروط.
وأما ما ذهب إليه ابن إدريس من التفصيل المتقدم ، فإنه علله بأن اللفظين الأولين صالحان لهما بخلاف الثالث ، فإنه يختص بالمتعة ، فإذا فات شرطها بطل.
وأورد عليه بأن بطلان عقد المتعة كما حصل بفوات شرطه وهو الأجل ، فكذلك الدوام بطل بفوات شرطه ، وهو القصد إليه ، وهو الركن الأعظم في صحة العقود ، وهو جيد لو تم ما ذكره من شرطية القصد في صحة العقد كليا.
ونقل هنا أيضا قول رابع وهو التفصيل بأنه إن وقع الإخلال بالأجل على وجه النسيان أو الجهل بطل ، وإن وقع عمدا انقلب دائما.
وفيه أنه لا دليل على هذا التفصيل العليل ، قال في المسالك بعد نقل هذا القول : وقد ظهر ضعفه مما تقدم ، فإنه مع التعمد وقصد المتعة يكون قد أخل بركن من أركان عقدها عمدا ، ولم يقصد غيرها ، ثم قال : وبالجملة فالأصل في القول بالصحة والانقلاب دائما هو الرواية السابقة على أي وجه اعتبر وقد عرفت قصورها