الأول : اختلف الأصحاب في الصيغة الموجبة لهذا الحكم من صحة التزويج وحصول العتق وكونه عوضا عن المهر ، فلا يجب عليه مهر بعد ذلك ، فهل يشترط تقديم التزويج على العتق أو عكسه؟ أو يجوز الكل منهما؟ الأكثر منهم على الأول وذهب الشيخ في الخلاف وقبله الشيخ المفيد ـ رحمهالله ـ إلى اشتراط تقديم العتق ، اختاره العلامة في المختلف والإرشاد ، وإلى القول الثالث ذهب المحقق في الشرائع وجملة من المتأخرين منهم السيد السند في شرح النافع ، وقبله جده في المسالك ، والظاهر أنه المشهور بين المتأخرين.
واستدل على القول الأول بما رواه الصدوق في الفقيه (١) عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى عليهالسلام قال : «سألته عن رجل قال لأمته : أعتقتك وجعلت عتقك مهرك ، فقال : أعتقت وهي بالخيار ، إن شاءت تزوجته ، وإن شاءت فلا ، فإن تزوجته فليعطها شيئا ، فإن قال : قد تزوجتك وجعلت مهرك عتقك فإن النكاح واقع ولا يعطيها شيئا» (٢).
روى هذه الرواية الشيخ في التهذيب مرسلة عن علي بن جعفر ، فلذا ردها في المسالك بالضعف بناء على رواية الشيخ لها ، ولم يطلع على رواية الصدوق لها بالطريق الصحيح ، ومن العجب أيضا أنه في المسالك نقل عجز الرواية بهذه الصورة «وإن قال : تزوجتك وجعلت مهرك عتقك فإن النكاح باطل لا يعطيها شيئا» فجعل محل قوله «واقع» في الرواية لفظ «باطل» وقال بعد ذلك في دفع دلالة الرواية على مطلوبهم : ويدل عليه تصريحه بالبطلان في رواية علي بن جعفر مع
__________________
(١) التهذيب ج ٨ ص ٢٠١ ح ١٦ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٦١ ح ٢٩ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥١٠ ح ١.
(٢) أقول وبهذه الرواية أفتى الصدوق في المقنع فقال : وإذا قال الرجل لأمته : أعتقتك وأجعل عتقك مهرك فقد عتقت ، وهي بالخيار ان شاءت تزوجته ، وان شاءت لم تزوجه ، وان تزوجته فليعطها شيئا ، وان قال : قد تزوجتك وجعلت مهرك عتقك ، فان النكاح واجب ولا يعطيها شيئا وقد عتقت ، انتهى. (منه ـ قدسسره ـ).