وعن الصادق عليهالسلام في تفسير الآية الأولى قال : العفو الوسط من غير إسراف ولا إفتار.
وبالجملة فالمراد ما يسهل إعطاؤه ، فأين هذا مما يدعيه من أن العفو بمعنى الإعطاء ، والإعطاء إنما استفيد من لفظ آخر كقوله خذ في قوله «خُذِ الْعَفْوَ» وينفقون في قوله «ما ذا يُنْفِقُونَ» لا من لفظ العفو.
وبالجملة فإن الاستدلال بذلك من مثله ـ رحمهالله ـ غريب عجيب كما لا يخفى على الأديب اللبيب والموافق المصيب ، وحينئذ فالواجب على ما اخترناه أنه متى كان المهر دينا فإنه يصح بلفظ العفو والهبة والإبراء ، والترك والاسقاط والتمليك ، لإفادة كل من هذه الألفاظ المعنى المراد من إسقاط حقها الذي في ذمته (١) ، وإن كان عينا وكان في يده فبلفظ التمليك والهبة ، ولا يصح بلفظ الإبراء والاسقاط والترك لأن هذه الألفاظ ظاهرة عندهم في إسقاط ما في الذمة ، وكذا لو كان في يدها فإنه يكفي التمليك والهبة بشرط القبض له من يدها كما تقدم في الهبة دون التمليك ، قالوا : ولا بد من القبول على التقديرين إذا كان عينا ، والنصوص لا دلالة لها عليه.
السادس : قد صرحوا بأنه ليس لولي الزوج العفو من حقه كلا أو بعضا مع الطلاق ، لأن العفو عن مال الغير بغير إذن المالك على خلاف الأصل ، فيجب الاقتصار فيه على مورد الاذن والرخصة ، وهو ولي المرأة خاصة ، ولأنه لا غبطة للمولى عليه في ذلك ، وتصرف الولي منوط بالمصلحة ، وإنما خرج عنها ولي المرأة بالنص الخاص ، ومن ثم منع بعضهم من عفو ولي المرأة أيضا لذلك ، كما
__________________
(١) قال الشيخ في المبسوط : لو كان المهر دينا على الزوج فطلق قبل الدخول كان لها العفو عن الباقي بألفاظ منه العفو والتمليك والهبة والاسقاط والتبرئة والإبراء ، وهل يفتقر الى قبوله؟ قال : فيه وجهان : الأول أن نقول يفتقر الى قبوله ، والوجه عندي عدم الافتقار ، لأنه إسقاط وإبراء فأشبه الطلاق والعتاق ، وانتهى. (منه ـ قدسسره ـ).