قال في المسالك : وفيه منع بين لأن الخمر غير مقصود أصلا ، ولا وقع عليه التراضي ، فكيف ينتقل إلى قيمته ، واعتبارها فرع صحة العقد على العين بخلاف ما لو عقدا على الخمر عالمين به ، فإنهما قد تراضيا على العين ، فلا يمتنع الانتقال إلى القيمة لتعذر العين كما تقدم ، وظاهر الحال أن قول المصنف أقرب الأقوال إلى مراد المتعاقدين فينبغي أن يكون العمل عليه.
ثم قال في المسالك أيضا : هذا كله في المثلي كالخمر. أما القيمي كالعبد إذا ظهر حرا فالانتقال إلى قيمته لقيامها مقام المثل في المثلين وليس هذا كالقول الثالث ، لأن ذلك يعتبر فيه قيمة العين بالوصف الواقع الذي امتنع صحته عليه بواسطته ، وهنا اعتبرت القيمة باعتبار الوصف المقصود لهما ، وعلى هذا فيسقط القول الثالث في القيمي لأن الحر لا قيمة له. نعم لو ظهر مستحقا كان اعتبار قيمته جاريا على القولين ، وعلى هذا فالقول بالمثل متعذر في القيمي مطلقا ، وبقيمة الواقع متعذر في الحر ، فليس فيه إلا القول بقيمته أو مهر المثل ، فإطلاقهم تشبيه الحكم في مسألة الحر بظرف الخمر لا يأتي على إطلاقه ، بل يحتاج إلى تنقيح.
أقول : وحيث إن المسألة غير منصوصة فالاعتماد في الحكم فيها على هذه التعليلات سيما مع ما عرفت من تدافعها مشكل على طريقتنا ، والاحتياط فيها واجب ، والظاهر أنه يحصل بالتراضي على مهر المثل أو مثل الخل ، والثاني أظهر لأنه الأقرب إلى ما ظناه وعقدا على تقديره ، والله العالم.
المسألة الثانية عشر : لا خلاف بين الأصحاب في أن المهر مضمون في يد الزوج قبل تسليمه إلى الزوجة ، وإنما الكلام في وجه الضمان في أنه هل يكون ضمانه كضمان المبيع في يد البائع والثمن في يد المشتري؟ أو كضمان المقبوض بالسوم وضمان العارية المضمونة؟ ويعبر عن الأول بضمان العقد وضمان المعاوضة ، ويعبر عن الثاني بضمان اليد ، وعلى تقدير الأول فالمضمون مهر المثل كما سيأتي