أراد أن يصحب بعضهن في السفر معه تأسيا بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنه كان يقرع بينهن لذلك كما تقدم ، وكيفية القرعة هنا أن يكتب أسماء النسوة في رقاع بعددهن ، ويدرجها في بنادق متساوية ، ويضعها على وجه لا يتميز ويخرج منها واحدة على السفر ، فمن خرج منها صحبها ، وإن أراد استصحاب اثنتين معه أخرج رقعة أخرى ، وهكذا. وإن شاء أثبت الحضر في ثلاث رقاع والسفر في واحدة وأدرجها ثم يخرج رقعة على اسم واحدة فإن خرجت رقعة السفر صحبها ، وإن خرجت من رقاع الحضر أخرج رقعة أخرى على اسم اخرى. وهكذا حتى يبقى رقعة السفر ، فيتعين المتخلفة ، وإذا أراد السفر باثنتين أثبت السفر في رقعتين والحضر في رقعتين ، ثم إنه بعد خروج القرعة ، على من تخرج عليه من واحدة أو أكثر لا يكون ذلك موجبا لاستصحابها بل يجوز له أن يجعلها مع المتخلفات ، لكن هل يجوز له مع تركها أن يستصحب غيرها؟ منع منه الشيخ في المبسوط وإلا لانتفت فائدة القرعة.
وقيل : يجوز ذلك لأنها ليست من الملزمات ، فإن الاستصحاب تبرع ، حيث إن زمان السفر لا يستحق الزوجات فيه القسم ، وإنما فائدة القرعة دفع المشقة ، والشحناء عن قلوب المتخلفات حيث لم يصحبهن وصحب من يريد بمجرد الميل والهوى ، وإذا كان صحبتها بالقرعة التي هي من الله عزوجل ارتفع ذلك من قلوبهن ، والفرق بين تركها مع المتخلفات وعدم أخذ غيرها ، وبين تركها وأخذ غيرها ـ حيث جاز الأول بلا خلاف دون الثاني ـ أن القرعة لا يوجب الصحبة وإنما تعين من يستحق التقديم على تقدير إرادته ، وكيف كان فالأولى مراعاة القرعة.
ومنها استحباب التسوية بين الزوجات في الإنفاق وحسن المعاشرة وطلاقه الوجه والجماع ونحو ذلك ، لما في ذلك من رعاية العدل والإنصاف.
ومن الأخبار الجارية في هذا المضمار ما رواه الصدوق (١) مرسلا قال : «قال
__________________
(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٨١ ح ١٣ و ١٤ وص ٣٦٢ ح ١١ ، الوسائل ج ١٤ ص ١٢٢ ح ٥ و ٨ و ٩.