لأن الآية بمقتضى الروايات التي وردت بتفسيرها أكثرها صريح في تخصيص ذلك بكراهته لها ونحو ذلك دون الإخلال بالحقوق الواجبة عليه لها ، وما أطلق فقرائن ألفاظه ظاهر في ذلك أيضا.
وبالجملة فإن المستفاد من الآية والأخبار ـ بتقريب ما قلناه ـ أن النشوز الموجب لصحة الصلح بإسقاط بعض الحقوق هو ما لم يتحقق إخلال الزوج بشيء من الحقوق الواجبة عليه ، على أنه متى كان القسم والنفقة من الأمور الواجبة عليه ، فتركت له النفقة مثلا لأجل القسم ، فإنه يكون هذا الترك لا في مقابلة عوض ، لأن القسم واجب عليه تركت النفقة أم لم تتركها ، فيكون إسقاط النفقة من غير سبب يوجبه قبيحا ، ولو قهرها على بذل ما تركت له فلا ريب في عدم حله. لأنه إكراه بغير حق شرعي.
المقام الثاني في الشقاق : وهو أن يكره كل واحد من الزوجين صاحبه ، فيكون كل واحد منهما بكراهيته للآخر في شق عنه ـ أي ناحية ـ والحكم في ذلك ، بعث كل واحد منهما حكما من أهله حسبما يأتي تفصيله.
والأصل في هذا المقام الآية أعني قوله عزوجل «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما» (١).
والأخبار ومنها ما رواه في الكافي (٢) عن علي بن أبي حمزة قال : «سألت العبد الصالح عليهالسلام عن قول الله عزوجل (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها» فقال : يشترط الحكمان إن شاءا فرقا وإن شاءا جمعا ، ففرقا أو جمعا جاز».
وعن سماعة (٣) في الموثق قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل
__________________
(١) سورة النساء ـ آية ٣٥.
(٢) الكافي ج ٦ ص ١٤٦ ح ١ ، الوسائل ج ١٥ ص ٨٩ ح ٢.
(٣) الكافي ج ٦ ص ١٤٦ ح ٤ ، التهذيب ج ٨ ص ١٠٤ ح ٣٠ ، الوسائل ج ١٥ ص ٩٣ ح ١.