المسألة الثامنة : قالوا : إذا تزوجت المطلقة ثلاثا وشرطت في العقد أنه إذا حللها فلا نكاح بينهما بطل العقد ، وربما قيل بلغوا الشرط ، فلو شرطت الطلاق قيل يصح النكاح ويبطل الشرط ، وإن دخل بها فلها مهر المثل ، وأما لو لم يصرح بالشرط في العقد ، وكان ذلك في نيته أو نية الزوجة أو الولي لم يفسد ، وكل موضع قيل يصح العقد فمع الدخول تحل للمطلق مع الفرقة وانقضاء العدة ، وكل موضع قيل يفسد لا تحل له ، لأنه لا يكفي الوطي ما لم يكن عن عقد صحيح.
أقول : وتفصيل هذه الجملة وبيان ما اشتملت عليه من الأحكام يقع في مواضع :
الأول : فيما إذا شرطت في العقد أنه بعد التحليل فلا نكاح بينهما ، والظاهر أنه لا ريب في بطلان هذا الشرط لمنافاته لمقتضى العقد ، إذ قضيته بقاء التزويج إلى أن يحصلا ما يزيله شرعا من طلاق ونحوه بما علم من الشارع كونه مزيلا ورافعا للنكاح ، ولم يثبت من الشارع أن شرط ارتفاعه من نفسه وإن كان على هذا الوجه المعين من جملة ذلك ، فقضية الأصل بمعنى الاستصحاب الشرعي المتفق على صحة الحكم به بقاء النكاح وبطلان هذا الشرط.
بقي الكلام في صحة العقد على هذا التقدير وعدمه ، والمشهور بين المتأخرين بطلانه ، وعللوه بأن التراضي بالعقد إنما وقع على هذا الوجه المخصوص ولم يتم لهما ، فلو لم يبطل النكاح لزم صحته بدون التراضي ، وهو باطل ، ومرجعه إلى أن العقود بالقصود ، فلو قيل بالصحة للزم أن ما وقع غير مقصود ، وما قصد غير واقع.
وذهب جمع من الأصحاب إلى صحة العقد وإن بطل الشرط ، منهم الشيخ وابن الجنيد وابن البراج وابن إدريس استنادا إلى ما دل على أن الأصل في العقد الصحة ، وقال في المسالك ـ بعد أن نقل أن القول بالبطلان للأكثر بل ادعى عليه