المسألة الثالثة : اختلف الأصحاب فيما لو عقد على بنت رجل على أنها بنت مهيرة فبانت بنت أمة ، فقال الشيخ في النهاية أن له ردها ، فإن لم يكن دخل بها لم يكن لها عليه شيء وكان المهر على أبيها ، وإن كان قد دخل بها كان المهر عليه بما استحل من فرجها ، وقال ابن البراج : إذا تزوج من رجل على ابنته أنها بنت مهيرة فوجدها بنت أمة كان مخيرا بين ردها وبين إقرارها على العقد ، فإن ردها فعلى قسمين : إما أن يكون دخل بها فعليه المهر بما استحل من فرجها ، وإن لم يكن دخل بها لم يكن عليه شيء ، وقد ذكر أن المهر يجب لها على أبيها إذا لم يدخل بها ، والأولى أن ذلك لا يجب.
وقال الكيدري : إن لم يدخل بها فلا شيء عليه والمهر على أبيها على ما روي ، والأصل انه غير واجب.
وقال ابن إدريس : إن لم يكن دخل بها لم يكن عليه شيء ، وروي أن المهر على أبيها ، وليس عليه دليل من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع ، والأصل براءة الذمة ، فمن شغل ذمة الأب بالمهر يحتاج إلى دليل ، وإن دخل بها كان المهر عليه لها بما استحل من فرجها ، ورجع على أبيها به ، فإن رضي بعد ذلك بالعقد لم يكن له بعد رضاه الرجوع بالمهر ولا خيار الرد.
وقال المحقق في الشرائع : قيل : إذا عقد على بنت رجل على أنها بنت مهيرة فبانت بنت أمة كان له الفسخ ، والوجه ثبوت الخيار مع الشرط لا مع إطلاق العقد ، فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر ، ولو فسخ بعده كان لها المهر ويرجع به على المدلس أبا كان أو غيره.
أقول : وقد اتضح بما ذكرناه أن الخلاف هنا في مواضع ثلاثة :
(أحدها) إنه مع عدم الدخول بها هل يثبت لها المهر على أبيها أم لا؟ والأول قول الشيخ في النهاية خاصة ، والثاني هو المشهور.
و (ثانيها) إنه هل الحكم في هذه الصورة هو ردها على أبيها كما ذكره