إلى آخر ذلك الحديث المقتضي لطول مدة شرعيتها ، ثم الاذن فيها في فتح مكة وهي متأخرة عن الجميع ، ثم النهي عنها ذلك الوقت ، ثم في حجة الوداع وهي متأخرة عن الجميع ، فيلزم على هذا أن تكون شرعت مرارا ونسخت كذلك.
ومن اللطائف في هذا المقام ما نقله في المسالك عن بعض كتب الجمهور : أن رجلا كان يفعلها فقيل له : عمن أخذت حلها؟ فقال : عن عمر ، فقالوا : كيف ذلك وعمر هو الذي نهى عنها وعاقب على فعلها؟ فقال : لقوله (١) «متعتان كانتا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنا احرمهما وأعاقب عليهما ، متعة الحج ومتعة النساء». فأنا أقبل روايته في شرعيتها على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا أقبل نهيه من قبل نفسه.
والبحث معهم في أمثال هذه المسائل واسع ، وقد استوفينا ذلك في مقدمات كتابنا «سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد».
ولننقل هنا طرفا من الأخبار المروية عن أهل البيت عليهمالسلام تيمنا كما هي عادتنا في الكتاب ، ومنها ما يدل على إباحتها ، ومنها ما يدل على فضلها واستحبابها مضافا إلى ما يأتي في أثناء مباحث الكتاب مما يدل على أحكامها.
فروى في الكافي (٢) في الصحيح عن أبي بصير قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن المتعة ، فقال : نزلت في القرآن (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ)» (٣).
وعن عبد الله بن سليمان (٤) قال : «سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : كان علي عليهالسلام يقول : لو لا ما سبقني به بني الخطاب ما زنى إلا شقي». كذا في الرواية المنقولة في
__________________
(١) راجع الغدير ج ٦ ص ٢٠٥ ـ ٢١٢.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٤٨ ج ١ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤٣٦ ح ١.
(٣) سورة النساء ـ آية ٢٤.
(٤) الكافي ج ٥ ص ٤٤٨ ح ٢ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤٣٦ ح ٢.