مشروطة برضاء الزوج كما تقدم ، وكانت هذه الهبة في معنى الاسقاط للحق والمسامحة به ، فلزومها إنما يمكن باعتبار الزمان الماضي بمعنى أنه لو رجعت فيما مضى لم يجب قضاؤه لخروجه عن ملكها بالهبة والقبض وانتقاله إلى الموهوب ، وأما المستقبل فلا تلزم الهبة فيه ، بل لها الرجوع كما عرفت ، لأنه متجدد لا يمكن قبضة وإنما هو بمعنى الاسقاط لا هبة حقيقة ، حتى أنها لو رجعت في أثناء الليل وجب على الزوج الانتقال والخروج مع العلم من عند الموهوبة إليها ، وما مضى فلا تأثير للرجوع فيه لجريان الهبة فيه.
و (ثانيهما) أنه لو طلبت عوضا عن هذه الهبة فأجابها الزوج والضرات. فهل يكون العوض المذكور لازما أم لا؟ نقل عن الشيخ في المبسوط الثاني محتجا بأن العوض إنما يكون في مقابلة عين أو منفعة ، وهذا الحق ليس عينا ولا منفعة ، وإنما هو مأوى ومسكن فلا تصح المعاوضة عليه بالمال.
والمحقق في الشرائع نقل هذا القول بلفظ «قيل» مؤذنا بتمريضه وتضعيفه أو تردده فيه ، ووجهه في المسالك بمنع انحصار المعاوضة في الأمرين المذكورين ، قال : لجواز المعاوضة بالصلح على حق الشفعة والتحجير وغيرهما من الحقوق.
أقول : قد عرفت من ظاهر رواية علي بن جعفر المتقدمة صحة ذلك ، وإن عبر عنه بالشراء مجازا والمراد الكناية عن المعاوضة عليه ، وبذلك يظهر قوة القول الأول.
الثاني عشر : لا قسمة للصغيرة ولا الناشزة عند الأصحاب ، وعلل بأن القسمة كالنفقة التي هي من جملة الحقوق الواجبة ، فمن لا يستحق النفقة لصغر أو نشوز لا تستحق القسمة.
وأما المجنونة فإن كان جنونها أدوارا فظاهرهم أن لها نصيب من القسمة ، وإن كان مطبقا فظاهر جمع منهم إطلاق عدم القسمة لها ، وإن استحقت النفقة ، إذ لا عقل لها حتى يدعوها إلى الانس بالزوج والتمتع به ، وفصل آخرون فخصوا عدم القسمة بما إذا كان يخاف أذاها ، ولم يكن لها شعور بالإنس به ، وإلا قسم لها.