البضع يمكن استرجاعه منها ، بخلاف ما إذا قدمت البضع ودخل بها ، فإنه لا يمكن استدراكه إذا لم يدفع المهر.
فيه أنه أول المسألة ومحل البحث ، فإن الخصم يمنع ذلك ، ويقول : إن البضع هنا ليس بفائت ، بل هو تسليم للحق إلى مستحقه ، دفع الزوج المهر أم لم يدفع ، لأن الزوج قد ملك البضع بمجرد ، العقد ، كما أنها قد ملكت المهر في الصورة المفروضة كذلك ، وبما شرحناه وأوضحناه يظهر لك ما في قوله ، هذا هو الموافق للعدل والمأمور به من قوله «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (١) فإن فيه أن دعوى موافقته للعدل عدول عن المنهج الواضح ، بل الموافقة للعدل إنما تحصل بالجري على ما اقتضاه العقد من انتقال كل من العوضين إلى الآخر ، ووجوب تسليمه إليه من غير توقفه على شيء ، وهذا هو المأمور به في قوله عزوجل «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» حيث إن قضية العقد انتقال البضع إلى الزوج والمهر إلى الزوجة ، فيجب على كل منهما الوفاء بما اقتضاه العقد من الانتقال على الوجه المذكور من غير توقف لأحدهما على الأخر ، وحينئذ فالآية عليه لا له ، وبالجملة فإن جميع ما لفقه في هذا المقام وزعم أنه دليل واضح فهو من جملة الأوهام التي لا يعرج عليها في الأحكام.
الثاني : الصورة الأولى بحالها ولكن الزوج معسر ، والمشهور أن الحكم فيها كما تقدم من جواز الامتناع لها حتى تقبض المهر ، وإنما الفرق بين الصورتين عندهم بالإثم وعدمه ، فإنه مع اليسار وطالبتها يأثم الزوج بالمنع ، وتستحق عنده النفقة ، وإن لم تسلم نفسها إذا بذلت التمكين بشرط تسليم المهر ، وأما مع إعساره فلا إثم عليه بالتأخير.
وفي استحقاق النفقة وجهان (٢) وذهب ابن إدريس إلى أنه ليس لها الامتناع
__________________
(١) سورة المائدة ـ آية ١.
(٢) أحدهما : العدم لانتفاء التمكين حيث انه معلق بأمر ممتنع عادة ، وهو اختيار الشهيد في شرح الإرشاد ، وثانيهما : انها تستحق النفقة كما في الموسر لاشتراكهما في بذل