فيما قلناه ، وكذا غيرها.
وثانيهما : إن محل البحث ومطرح الكلام هو أن لها الامتناع حتى تقبض المهر ، والذي دلت عليه هذه الأخبار هو الاكتفاء بدفع شيء على جهة الهدية ، وأنه ليس لها الامتناع بعد ذلك ، وأحدهما غير الآخر ، وحينئذ فلا دلالة فيها على ما ادعوه.
وأما (ثالثا) فإن ما استند إليه من صحيحة الفضيل بن يسار وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج الدالتين على سقوط المهر بالدخول ، فمع أنهما لا إشعار فيهما بما نحن فيه كما ادعاه وسجل عليه بأنه إشعار واضح ، فالقول بما دلا عليه مرغوب عنه كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى في محله.
وكيف كان فما ادعاه من إشعارهما بما ذكره لا أعرف له وجها ، ولعل وجه الاشعار عنده بهذه العبارة التي نقلها من صحيحة الفضيل (١) وهي قوله : فالذي أخذت من الزوج قبل أن يدخل بها ، حل للزوج به فرجها من حيث الاشعار بتحريم الفرج على الزوج مع عدم الأخذ ، وإذا كان الفرج حراما بدون ذلك فلها الامتناع حينئذ قبل الأخذ ، وفيه ما عرفت من أن حل الفرج هنا إنما حصل بالعقد ، لا بدفع المهر كلا أو بعضا أو غيره من هدية ونحوها ، وهذا الكلام في جملة هذه الاخبار إنما خرج مخرج التجوز في الكناية عن استحباب تقديم المهر أو بعضه أو غيره من هدية ونحوها لا أنه محمول على ظاهره فإنه باطل اتفاقا إذ لا خلاف ولا إشكال في أن تحليل الفرج إنما حصل بالعقد ، وتؤيده الأخبار المتقدمة الدالة على جواز الدخول بها وإن لم يدفع إليها شيئا.
وأما (رابعا) فإن ما ذكره ـ من أنه يرشد إلى ذلك أن فائت المال يستدرك إلى آخره ـ بمعنى أنه يجب تقديم المهر إليها أولا لأنه لو امتنعت من تسليم
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٨٥ ح ١ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٥٩ ح ٢٢ ، الوسائل ج ١٥ ص ١٧ ح ١٣.