ثم إن ما ذكره الشيخ فيما قدمنا نقله عنه ـ من أنه إن كان لها ولد له مال ألزم أن يؤدي عنها النصف الباقي ـ قد اعترضه فيه جماعة منهم ابن إدريس والعلامة في المختلف ، قالوا : لأصالة براءة ذمة الولد إلا أن يتبرع الولد بأداء ذلك ، وبه صرح ابن الجنيد فقال : ولو طلقها قبل الدخول بها مضى عتقها ، واستسعت في نصف قيمتها ، وإن كان لها ولد فأدى نصف قيمتها عتقت ، انتهى.
والظاهر أن الشيخ قد استند فيما ذكروه إلى رواية يونس بن يعقوب المتقدمة ، إلا أنها غير صريحة في إلزام الولد بذلك ووجوبه عليه ، والله العالم.
المسألة الثالثة : اختلف الأصحاب فيما إذا اشترى أمة نسية ، فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها فحملت منه ، ثم مات المولى ولم يترك ما يقوم بثمنها فقيل : بأن العتق صحيح ولا سبيل عليها ولا على ولدها ، بل يكونان حرين ، وهو اختيار ابن إدريس والعلامة وولده وأكثر المتأخرين ، وقيل ، ببطلان العتق وعودها رقا ، وأن ولدها رق ، وهو قول الشيخ في النهاية وابن الجنيد وابن البراج.
والأصل في هذه المسألة ما رواه الكليني في الكافي (١) في الصحيح والحسن معا عن هشام بن سالم قال : «سئل أبو عبد الله عليهالسلام وأنا حاضر عن رجل باع من رجل جارية بكذا إلى سنة فلما قبضها المشتري أعتقها من الغد ، وتزوجها وجعل مهرها عتقها ، ثم مات بعد ذلك بشهر فقال ، أبو عبد الله عليهالسلام : إن كان للذي اشتراها إلى سنة مال أو عقدة تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها ، فإن عتقه ونكاحه جائزان ، قال : وإن لم يكن للذي اشتراها فأعتقها وتزوجها مال ولا عقدة يوم مات تحيط بقضاء ما عليه من الدين برقبتها ، فإن عتقه ونكاحه باطلان لأنه أعتق ما لا يملك ، وأرى أنها رق لمولاها الأول ، قيل له : فإن كانت علقت ـ أعني من المعتق لها المتزوج بها ـ ما حال الذي في بطنها؟ فقال : الذي في بطنها مع أمه كهيئتها».
__________________
(١) الكافي ج ٦ ص ١٩٣ ح ١ ، الوسائل ج ١٤ ص ٥٨٢ ب ٧١ ح ١.