نقله الشيخ في المبسوط عن قوم ، وأظهر هذه الأقوال الأول فإنه هو الذي يرجى به الرجوع إلى الطاعة. ولو حصل بالضرب تلف ، قيل : وجب عليه الغرم لأنه قد تبين بذلك أنه إتلاف لا إصلاح بخلاف الولي إذا أدب الطفل ، وفرق بينهما بأن تأديب المرأة لحظ نفسها ، والولد لحظه لا لحظ الولي.
وأورد عليه بأن في الفرق نظرا ، قال في شرح النافع : وينبغي القطع بعدم غرمه لأنه بتأديب الطفل محسن ، وما على المحسنين من سبيل ، ولا يبعد إلحاق الزوج به في ذلك ، خصوصا إن كان المقصود من الضرب تأديبها على فعل محرم انتهى.
أقول : يمكن أن يقال : إنه إن كان الضرب المذكور ليس مما يترتب عليه التلف بحسب العادة ، وإنما اتفق التلف بعده اتفاقا فهذا لا يترتب عليه ضمان ، وإن كان مما يمكن ترتب التلف عليه فلا يبعد وجوب الضمان.
الثاني : في نشوز الزوج ، وهو المشار إليه بقوله عزوجل «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً» (١) الآية : قالوا : وهو عبارة عن أن يتعدى الزوج عليها ويمنعها بعض حقوقها الواجبة من نفقة أو كسوة أو قسم أو نحو ذلك أو أنه يضربها ويؤذيها بغير سبب مبيح له ذلك ، وحينئذ فترفع أمرها إلى الحاكم ، فإن ثبت عنده ما ادعته ببينة أو اعتراف أو نحو ذلك عزره بما يراه ، وأجرى عليها النفقة من ماله ولو ببيع عقاره عليه ، وإلا نصب بينهما ثقة يستعلم صدق ما ادعته ، ويكون الحكم كما تقدم ، ولو لم يكن يؤذيها ولا يمنعها شيئا من حقوقها الواجبة إلا أنه يكرهها لكبر أو مرض أو غيرهما فلا يدعوها إلى فراشه ويهم بطلاقها ، فلها أن تسترضيه بإسقاط بعض حقوقها من القسم أو النفقة أو نحوهما ويحل له ذلك ، وهذا هو الصلح الذي أشارت إليه الآية بقوله «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً».
__________________
(١) سورة النساء ـ آية ١٢٨.