وفيه أن الدليل على كون الأمر حقيقة في الوجوب من الأدلة الأصولية ، والأخبار المعصومية التي ذكرناها في المقدمات في صدر كتاب الطهارة (١) لا اختصاص له بصيغة افعل ، بل كلما دل على الطلب بصيغة الأمر أو الخبر ، وما ذكره ـ من التأييد وفاقا لما تقدم في كلام العلامة أيضا من أن الأمة ملك للسيد فلا يستحق على مالكها شيئا مردود ـ بأنه من الجائز حمل الأمر على التعبد الشرعي بذلك ، وإن كان الأمر كما ذكروه.
وبالجملة فالأظهر الوقوف على ظواهر النصوص المذكورة ، وعدم الالتفات إلى هذه التعليلات في مقابلتها ، على أنها قد قدمنا في كتاب المتاجر (٢) أن الظاهر من الأخبار هو ملك العبد وإن كان مهجور التصرف إلا بإذن السيد ، فلا ورود لما أورده حينئذ.
الثاني : إن صريح كلام الشيخين المتقدم ، وهو ظاهر من تبعهما أن المدفوع مهر ، والأخبار المذكورة لا تنهض بالدلالة على ذلك بل ظاهرها أنه عطية محضة.
وفي المسالك : واعلم أن الظاهر من حال هذا المدفوع أنه ليس على جهة كونه مهرا بل مجرد الصلة والبر وجبر خاطر المملوكين.
الثالث : ظاهر كلام المتقدمين أيضا أن ذلك نكاح لا إباحة كما ذكره ابن إدريس فإن قولهم إذا زوج الرجل عبده أمته صريح في إرادة النكاح ، وهو ظاهر الأخبار المذكورة أيضا ، وليس فيها ما ربما ينافي ذلك ، إلا عدم ذكر القبول من الزوج.
والجواب عنه بما ذكره العلامة جيد ، وربما قيل بتخصيص الوجوب بكونه عقدا ليكون مهرا ، وهو ظاهر كلام المتقدمين المذكورين ، فإن كلامهم ظاهر في الثلاثة أعني الوجوب ، وكونه عقدا ، وكون المدفوع مهرا ، ولا يبعد حمل الأخبار عليه ، وإن كانت غير ظاهرة في كون المدفوع مهرا.
الرابع : إن ما استدل به العلامة على نفي كون المراد بالنكاح هنا إباحة ،
__________________
(١) ج ١ ص ١١٢.
(٢) ج ١٩ ص ٣٩٥.